كان النقاش الأساسي لوسائل الإعلام الأوروبية يدور حول أسعار الغاز القياسية.
إذ تواجه دول الاتحاد الأوروبي تهديداً حقيقياً صادماً، وتقترب الصناعة الأوروبية من نقطة حرجة.
وجاء في مقال نشره موقع “نيو إيسترن آوت لوك” مايلي: أزمة الطاقة في أوروبا قد انتقلت من مرحلة الصدمة إلى مرحلة العجز, إذ إن أسعار الغاز والكهرباء تحطم أرقاماً قياسية جديدة كل يوم ما أدى لقيام بعض الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة بإيقاف الإنتاج لأن الحفاظ عليها أصبح مكلفاً للغاية وبهذا سيتعين على المزيد من الصناعات اتخاذ خطوة حاسمة باستخدام المفتاح الأساسي، أي الغاز .
وتابع المقال: كانت مناقشة ارتفاع أسعار الطاقة موضوعاً ساخناً في اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ في 4 تشرين الأول في لوكسمبورغ، وقد ظهر بالفعل على خلفية هذا الاجتماع انقسام جغرافي في الاتحاد الأوروبي، ومن الواضح أن أوروبا الشرقية تخشى من أزمة وقود، حيث أصبحت مصادر الطاقة المتجددة أكثر تكلفة في دول أوروبا الغربية، ما جعل شمال أوروبا يدعو إلى خفض حاد في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون, إذ تخشى البلدان الأكثر اعتمادًا على الوقود الأحفوري من أن الطاقة من المصادر المتجددة ستصبح باهظة الثمن أيضاً.
وأضاف المقال: حسب تحليلات للسوق البريطاني فإن البريطانيين سيموتون من البرد هذا الشتاء مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة, إذ ستضع التكاليف عبئاً غير متناسب على أفقر أفراد المجتمع. في ظل هذه الظروف، ستظهر مشكلة عدم المساواة في الدخل بشكل كامل، حيث سيواجه الأوروبيون الأكثر ضعفًا خياراً صارماً: إما الحرارة وإما الطعام. لذلك من المحتمل أن تجثو بريطانيا على ركبتيها هذا الشتاء، متوسلة للحصول على الطاقة أينما أمكنها ذلك.
ومن ناحية أخرى, تابع المقال, فإن الوضع في بقية دول أوروبا لن يكون أفضل في حال قرر الشرق الأوسط رفع الأسعار بقدر ما يستطيع. إذ من المؤكد أن صدمة أسعار الطاقة في أوروبا ستتفاقم إذا نفذت الجزائر تهديدها بإغلاق خط أنابيب الغاز الجزائري إلى إسبانيا والبرتغال والمغرب.
ورأى المقال: رغم كل ذلك لم تفشل بعض الدوائر السياسية في أوروبا، التي رعتها في السنوات الأخيرة دعاية واشنطن المعادية للروس، في تعزيز هجماتها غير المبررة على روسيا، متهمة إياها بالمسؤولية عن الزيادات الكبيرة في أسعار الغاز في الفترة الأخيرة.
فقبل أيام، حث وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين، في مقابلة مع بلومبرج، روسيا على عدم استخدام إمدادات الطاقة لتعزيز مصالح سياستها الخارجية أو “كسلاح لسياستها الخارجية”, متعمداً التضليل في الإشارة إلى الدور الكبير الذي لعبته الولايات المتحدة في تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا، وهي سياسة الأسعار الاستفزازية لواشنطن في إمداد السوق الأوروبية بالغاز الطبيعي المسال. إذ كانت تستخدم أوكرانيا وبولندا وغيرهما من “أتباع الولايات المتحدة” لإبطاء بناء روسيا لخط أنابيب الغاز “نورد ستريم2” في حال تم تشغيل خط الأنابيب، لكان قد منع حدوث عجز في الغاز في أوروبا منذ فترة طويلة.
وبالمقابل, تابع المقال, فقد تم تحطيم كل هذه الحملات الافترائية المنتظمة المعادية للروس بسبب الاستنتاجات المقنعة للعديد من السياسيين الألمان والخبراء الدوليين, وقيام وكالة الطاقة الدولية (IEA) بنشر بيان علقت فيه على ارتفاع أسعار الغاز ودحضت بشكل واضح الاتهامات الكاذبة الموجهة إلى روسيا مؤكدة أن جميع عوامل ارتفاع الأسعار اقتصادية، ولا يوجد دليل على أن نيات روسيا السياسية أو الجيوسياسية وراء خفض العرض أو التلاعب بالأسعار.
وأكد المقال: لم يكن من الممكن وقف ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا أو حتى خفضه إلا بعد أن شارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حل هذه المشكلة متعهداً باستعداد روسيا للمساعدة في استقرار أسواق الطاقة العالمية وبهذا يكون بوتين قد أنقذ أوروبا حرفياً.
وختم المقال بالقول: التاريخ يعيد نفسه، ومرة أخرى من بعد الحرب العالمية الثانية, تنقذ روسيا أوروبا والأوروبيين من الانهيار على أمل أن يضع الأوروبيون هذا الأمر في الاعتبار وألا يرموا بأنفسهم، كما حدث في الخمسينيات من القرن الماضي، “مقابل” هذا في “حرب باردة” أخرى مع روسيا وحملة إعلامية معادية للروس.