تجري الانتخابات الألمانية القادمة من دون مشاركة المستشارة أنجيلا ميركل، ويتولى الفائز فيها منصب المستشار ورئاسة الحكومة المقبلة.
وتُظهر آخر الاستطلاعات تقدم مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس على باقي المرشحين.
ويخوض المحافظون الألمان بقيادة أرمين لاشيت المنتخب حديثاً على رأس الاتحاد المسيحي الديمقراطي حملة الانتخابات التشريعية الألمانية التي ستنظم في 26 من الشهر الجاري ويشاركهم في ذلك زعيم أصغر حزب في ألمانيا رئيس حكومة بافاريا ماركوس سودر.
وينظر إلى سودر -الذي يتزعم الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا والموالي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني الذي تترأسه المستشارة ميركل- على أنه أحد نجوم الحملة الانتخابات ويملك ثقلاً سياسياً كبيراً في ألمانيا.
وأكد سودر أنه سيقوم بكل ما في وسعه من أجل المساهمة في نجاح صديقه أرمين لاشيت، الذي ترشح لرئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خلفاً لميركل التي ستغادر منصبها غداة الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها في 26 من الشهر الجاري.
وخلال سنوات ميركل، لم يكن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني بحاجة ماسة إلى أخيه الأصغر في بافاريا كون أن شعبية ميركل كانت كافية لضمان نجاحات انتخابية للمعسكر المحافظ.
لكن يبدو أن الوضع تغير نوعاً ما وأن حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا عاد بقوة على مستوى الساحة السياسية.
وتجنباً لخسارة انتخابية مرتقبة لمعسكر المحافظين، دخلت المستشارة الألمانية على الخط، مقدمة دعمها لمرشح معسكرها المحافظ أرمين لاشيت، بسبب تراجع شعبية الحزب، قبل أقل من ثلاثة أسابيع على اقتراع غير واضح المعالم.
وفي تصريحات صحفية قال توماس شليمير، مدرس العلوم السياسية في المعهد السياسي المعاصر بمدينة ميونيخ: “حتى الصيف الماضي، لم يظهر سودر أي حماس في مساندته للمرشح الرسمي للحزبين”، مضيفاً: “لقد حان الوقت أن يقوم بذلك”.
وشرح ستيفان مارشال، مدرس العلوم السياسية في جامعة دوسلدورف أن “حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا، “يمثل منذ نشأته (بعد الحرب العالمية الثانية) الجناح المحافظ لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني وذلك بفضل امتلاكه “نظرة تقليدية للعائلة الألمانية”.
فيما أضاف توماس بوغونتك، أستاذ آخر في نفس الجامعة أن حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا يلعب دوراً مهماً يتمثل في “طمأنة الناخبين المحافظين الذين يصوتون لصالح الحزبين”. وما زاد من أهميته في المشهد السياسي الألماني، هي الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها في إقليم بافاريا وكونه خزاناً للأصوات لصالح الحزبين.
وشددت ميركل أمام النواب المجتمعين للمرة الأخيرة في جلسة عامة، على أن “أفضل سبيل” لألمانيا هو “حكومة بقيادة أرمين لاشيت كمستشار”.
كما أعلنت ميركل في خطاب طغت عليه اللهجة الانتخابية أن “حكومته ستتميز بالاستقرار والموثوقية والاعتدال وهذا ما تحتاج إليه ألمانيا”. وحرصت على البقاء دائماً بعيدة عن هذه الحملة الانتخابية عندما قررت منذ فترة طويلة تسليم السلطة بعد انتهاء ولايتها الرابعة.
لكن شخصيات من داخل معسكرها المحافظ دعتها لتكون حاضرة بشكل أكبر، في حين تتوالى استطلاعات الرأي الكارثية بالنسبة إلى ائتلاف الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا الذي قد يمنى بهزيمة نكراء في هذه الانتخابات .
في تدخلها الثابت قبل الاستحقاق الانتخابي، تسعى ميركل لوضع شعبيتها الراسخة في خدمة أرمين لاشيت الغارق في الصعوبات.
هل سيقود أولاف شولتز وزير المالية الحالي الحكومة المقبلة؟
ومنذ الصيف تراجعت شعبية الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحليفه البافاري بشكل كبير. ووضع استطلاع للرأي لقناة “آر تي إي”، نُشر الثلاثاء هذا الائتلاف لأول مرة تحت عتبة الـ20 في المئة من الأصوات، مشيراً إلى أنه قد يحصل على 19 في المئة في نوايا التصويت. وهو أمر غير مسبوق على المستوى الفيدرالي لحزب سيطر إلى حد كبير على المشهد السياسي في فترة ما بعد الحرب وحصد 30 في المئة من نوايا التصويت في بداية العام.
المحافظون الذين حصلوا على نسبة 32,9% من الأصوات في عام 2017، باتوا يتقدمون إلى حد كبير على الحزب الاجتماعي الديمقراطي الذي كان في مراتب متأخرة لفترة طويلة، لكنه بات اليوم يحصل على 25% إلى 27% من نوايا التصويت.
وقد يكلف رئيسه، وزير المالية الحالي ونائب المستشارة أولاف شولتز، الذي ينتقد لافتقاره إلى حضور قوي، تشكيل الحكومة المقبلة. ونجح شولتز في تطوير صورة الشخص الكفء في نظر أكثر من 60 مليون ناخب ألماني.
منذ ثلاثة أسابيع، كثفت ميركل تدخلاتها لصالح رئيس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي والمرشح الذي لم يحظ بتقدير كبير من الألمان.
وبدأت الحملة خلال تجمع انتخابي لمعسكرها ببرلين في 21 آب عندما قالت المستشارة إنها “مقتنعة بشدة” بأن أرمين لاشيت الرجل القادر على “بناء جسور بين الناس” سيخلفها في المستشارية.
كما ظهرت ميركل إلى جانبه في عدة مناسبات، كما حصل مساء الإثنين الماضي خلال اجتماع لحزبه. والأحد توجها معاً إلى شمال الراين وفستفاليا، إحدى المنطقتين المتضررتين من الفيضانات المدمرة والتي يقودها لاشيت.
بعد شهر ونصف شهر من وقوع كارثة أودت بحياة أكثر من 180 شخصاً يربطها الخبراء بتغير المناخ، أشادت ميركل بخلفيها المحافظ المحتمل، الذي “يدير بنجاح أكبر ولاية في ألمانيا”.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، حاول لاشيت الذي لم يحظ بتقدير كبير في صفوف الناخبين بعد أن اضطر لفرض نفسه كمرشح عن حزب المحافظين، توسيع فريق حملته من خلال إحاطة نفسه بمجموعة خبراء.
وفي مسائل المالية والاقتصاد، استعان بفريدريش ميرز، الخصم السابق لتولي رئاسة الحزب والذي يمثل الجناح الليبرالي.
لكن خبراء سياسيين ما زالوا يشككون. “نحتاج إلى فريق عندما يكون لدينا مرشح ضعيف. فهذا أحد المبادئ المدرجة في أي دليل انتخابي”، كما قال لوكالة الأنباء الفرنسية بيتر ماتوشيك من معهد فورسا لاستطلاعات الرأي، مؤكدا أن “هذا الأمر حصل متأخراً”.
وقبل أسبوعين من الانتخابات، واجه لاشيت المعروف بارتكابه الزلّات، منافسَيه وزير المال أولاف شولتز من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأنالينا بيربوك من حزب الخضر ذي الميول اليسارية، في مناظرة ثانية من أصل ثلاث مقررة بين المرشحين.
بدا شولتز الذي غالباً ما يوصَف بأنه خشبي ولا يتمتع بكاريزما، غير منزعج خلال المناظرة، وقاطع لاشيت فترة وجيزة لاتهامه بـ”تحريف الحقائق” عندما سعى الأخير إلى تسليط الضوء على “إخفاقات” شولتز على خلفية مخالفات في رصد جرائم ماليّة.
وأعطت كل استطلاعات الرأي التي أعقبت المناظرة، الأفضليّة لشولتز الذي اعتبره 41% من المستطلَعين “الأكثر إقناعًا”، متقدّمًا على لاشيت (27%) وبيربوك (25%).
“أ.ف.ب. وكالات”