تطل ذكرى الحادي عشر من أيلول عام 2001 برأسها مراراً وتلقي بظلالها الثقيلة على النظام السعودي، تأكيداً للصلة الوثيقة بين الإرهاب وذاك النظام، وهذا التأكيد يأتي دائماً من راعية الإرهاب الأولى الولايات المتحدة، وهنا تعيدنا الذاكرة أيضاً إلى الابتزاز الأمريكي للرياض الذي لا يغيب أساساً، حيث إن الكشف عن صلة الرياض بأحداث 11 أيلول ليس حرصاً أمريكياً على حقوق الضحايا، إنما لأهداف أمريكية موجهة للسعودية في سياق العلاقة بين الجانبين التي وضعت تحت الابتزاز في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وليبقى السؤال قائماً هل كشف المذكرة هو اتهام مباشر للسعودية أم ابتزاز جديد كما جرت العادة؟
وليأخذ الابتزاز مساره المحدد أمريكياً، فواشنطن تكتفي بالتلميح عن الصلة السعودية بأحداث أيلول، لكن هذا لا يلغي تلك الصلة بالشكل الكامل، إذ رفعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي”، السبت، تكشف عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسمياً بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 أيلول 2001، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره عائلات ضحايا تقاضي الرياض.
وحسب “أ ف ب”، أظهرت المذكرة التي يعود تاريخها إلى الرابع من نيسان 2016 وكانت سرّية حتى الآن وجود ارتباطات بين عمر البيومي -الذي كان حينها طالباً لكن يشتبه بأنه كان عميلاً للاستخبارات السعودية- وعنصرين في تنظيم “القاعدة” الإرهابي شاركا في مخطط خطف وصدم الطائرات الأمريكية الأربع بأهداف في نيويورك وواشنطن قبل عشرين عاماً.
وبناء على مقابلات جرت في 2009 و2015 مع مصدر بقيت هويته سرّية، تكشف المذكرة تفاصيل اتصالات ولقاءات جرت بين البيومي والخاطفين نواف الحازمي وخالد المحضار بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000 قبل الاعتداءات، كما تم الكشف عن الكثير من الصلات بين الخاطفين ومسؤولين في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس.
ورغم نشرها، إلا أن أجزاء عديدة في المذكرة كانت محذوفة ولم تكشف عن أي رابط مباشر وواضح بين نظام آل سعود والخاطفين.
ونُشرت بعدما تعرّض بايدن إلى ضغوط من أفراد عائلات ضحايا الاعتداءات الذين رفعوا دعوى قضائية ضد السعودية، متهمين إدارة بايدن بالتواطؤ.
ورفضت ثلاث إدارات أمريكية متعاقبة نزع السرية عن الوثائق المرتبطة بالقضية ونشرها، خوفاً على يبدو من إمكانية إضرار الخطوة بالعلاقات الأمريكية- السعودية..