البيان الحكومي السوري والناتج المحلي الإجمالي

قدّمت الحكومة السورية بيانها أمام أعضاء مجلس الشعب في الموعد المحدد دستورياً، وتضمن البيان عدداً من المؤشرات الاقتصادية الهامة جداً، وفي رأينا كلها متشابكة وتعتمد على بعضها البعض، لكنها تعتمد بشكل أساسي على نتائج النشاط الاقتصادي بمؤشره الأساسي «الناتج المحلي الإجمالي Gross Domestic Product», ويعرف عالمياً باختصار «GDP» أي الحروف الأولى للكلمات الثلاث السابقة باللغة الإنكليزية، ويعبّر عن القيمة السوقية لكل السلع والخدمات النهائية محلياً داخل دولة ما، أي التي يتم إنتاجها داخل الدولة خلال فترة زمنية محددة عادة تكون سنة، ويتوقف تغير هذا المؤشر على معدل النمو الاقتصادي الذي يعبّر عن مستوى الأداء الاقتصادي على المستوى الكلي، فأي تغير في هذا المعدل سواء كان سالباً أم موجباً ينعكس مباشرة على مؤشر الناتج المحلي الإجمالي «GDP»، ورقمياً يقاس بالقيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات النهائية المنتجة وعلى مستوى كل القطاعات، ويحسب بعدة طرق مختلفة وأهمها: «طريقة الناتج و طريقة الدخل وطريقة الإنفاق»، وهذه الطرق وإن اختلفت مكوناتها يجب أن تعطي الرقم المعبر نفسه عن قيمة الناتج الإجمالي, وأمام الظرف الذي تمر به سورية وبعد /10/ سنوات من الحرب الإرهابية عليها فإننا نرى أن الطريقة الأفضل هي احتسابه عن طريق المعادلة التالية وهي:
قيمة الناتج = [نفقات المستهلكين + الإنفاق الحكومي + إجمالي الاستثمار + صافي الصادرات].
واعتمدنا هذه المعادلة لأنها تتضمن الجانب الإنفاقي والاستثماري، حيث إن إنفاق المستهلكين يتضمن كل النفقات المخصصة لشراء جميع السلع والخدمات في المجتمع بأكمله، أما الإنفاق الحكومي فيتمثل في الأموال التي تنفقها الحكومة على رواتب الموظفين والمعدات والبنية الأساسية مثل الطرق وشبكات الطاقة والمطارات وغيرها، أما نفقات الاستثمار وأحياناً يطلق عليها اسم النفقات الرأسمالية فتضم مصروفات الشركات على شراء المعدات أو بناء المصانع أو بشكل عام الاستثمار في أعمالها، أما صافي الصادرات فتعبّر عن صافي قيمة جميع السلع والخدمات التي تقوم أي دولة بتصديرها واستيرادها من وإلى الدول الأخرى، ويمكن أن تكون قيمتها بالموجب أو السالب في الناتج المحلي الإجمالي حسب قيمة كل من الصادرات والمستوردات، ونظراً لتأثر قيمة المنتجات بتغير الأسعار من شهر وسنة لأخرى فإنه من الأفضل احتساب قيمة الناتج بالأسعار الثابتة معتمدين على سنة الأساس وهي سنة /2000/ بهدف إبعاد تأثير عامل التضخم، وحسناً فعل المكتب المركزي للإحصاء بمجموعته الأخيرة لسنة /2019/، وتكمن أهمية الناتج المحلي الإجمالي في إمكانية معرفة عدد من المؤشرات الاقتصادية الأخرى مثل: نصيب الفرد من الناتج – إنتاجية العمل – معدل النمو الاقتصادي – معدل التضخم أو الانكماش والركود – مقارنة الاستهلاك الشعبي مع الحكومي – معرفة حجم الإنفاق الرأسمالي والاستهلاكي وقيمة الصادرات.. إلخ»، ولزيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي وهو بمثابة «الكعكة الاقتصادية المجتمعية» أو«الثروة المجتمعية السنوية» التي ستتوزع على كل مكونات المجتمع بغض النظر عن عدالة توزيع الثروة المجتمعية فإننا بحاجة إلى زيادة الكفاءة وتفعيل الاقتصاد, وكما يقول المثل الإيطالي: «الكفاءة يد الثروة اليمنى، والاقتصاد يدها اليسرى»، وعندها نتجاوز التراجع الذي حصل في ناتجنا خلال سنوات الحرب على سورية، فقد بلغ سنة /2011/ مقدار /1537/ مليار ليرة و لكنه انخفض سنة 2019 وبشكل تقديري إلى /715/ مليار ليرة سورية، أي إنه انخفض بمقدار /822/ مليار ليرة, وبنسبة /53%/، فهل هناك جريمة بحق الشعب السوري ارتكبها الإرهاب والإرهابيون والداعمون لهم أكثر من هذا؟!، لكن لم ولن نيئس وعلينا تفعيل العمل والدورة الاقتصادية لتحقيق مؤشرات البيان الحكومي، وعندها تتولد عوامل القوة من ذاتها ولذاتها وكما يقول المثل الإيطالي: «اقتصد ثلاث ليرات ذهبية تسقط الرابعة في يدك دون عناء»، فزيادة ناتجنا خير لنا جميعاً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار