الجريح علي ورفاقه يتحدّون الإصابة: مشروع زراعي وفر فرص عمل لـ15 عائلة
صحيح أن وضعي الصحي الآن لا يسمح لي بالمشاركة على جبهات القتال، لكنني يمكن أن أقاتل على جبهة أخرى لتأمين لقمة العيش لأولادي وعائلتي- لقمة العيش الحلال- فنحن من بيئة لا نأكل إلا من تعبنا وعرق جبيننا، «ما مناكل إلا حلال» وحين أزرع أشعر بأنها تعطيني أضعافاً مضاعفة، وهي بحاجة للرعاية بشكل دائم ومتواصل من فلاحة وإزالة للأعشاب وسقي.
بهذه الحماسة تحدث لموقع جريدة «تشرين» الجريح باسم شريف علي عن مشروعه الزراعي مع رفاقه الذي كان فرصة لتأمين «لقمة الحلال» كما يصر على ذلك، مضيفاً: توجهت للزراعة لأنني من بيئة جبلية، وجميعنا في القرية نمتهن الزراعة، لكونها مهنة مقدسة في نظرنا، وعليها نشأ آباؤنا وأجدادنا ونحن أيضاً ومن خيراتها كبرنا وتعلمنا، وحكايتنا معها حكاية عشق أزلي لا ينتهي، فنحن نؤمن أن «لقمة الحلال» من عرق جبيننا، ونشعر بالغبطة حين نزرع الأرض ونحصدها وبفرحة لا يمكن وصفها، وهذا الكلام نابع من القلب.
وحين نرى من يهتم بنا ويعطينا الاندفاع للمقدمة، تهون علينا جميع الصعوبات والمشقات، وما حققته السنة الماضية وهذه السنة يعجز عنه الكثيرون، فمشروعي أمّن فرصة العمل لـ15 عائلة ونتساعد معاً لنجاح عملنا.
وأضاف: استمددت عزيمة الإصرار والتحدي في العمل من تربيتي في مدرسة القائد المؤسس الخالد حافظ الأسد، وكنت في صفوف القوات المسلحة، وكما قلت الأرض عشقي الأزلي ندافع عنها.
وأنصح كل زملائي الجرحى بأن يكونوا أقوياء في ميادين العمل، كما كانوا في ميادين القتال، وإصابتي بالشلل التي أقعدتني على الكرسي، وحين أركب السيارة بعد إجراء بعض التعديلات لأقودها باليدين، وأعمل بما أستطيع أنسى إصابتي، ولديّ قناعة بأنه لابد من أهزم الإصابة مثلما هزمت من تسبب بإصابتي.
وعن الإصابات التي تعرض لها الجريح علي يقول: عندي ثلاث إصابات كانت الأولى في حرستا دخول طلق ناري في البطن من دون أذية، والثانية عند جسر المليحة بتاريخ 12-12-2012 طلقة في جدار الصدر استقرت في جانب العمود الفقري لم تعمل أي أذية، والثالثة بعد شهر و20 يوماً في داريا عند مقام السيدة سكينة طلقات متعددة في الصدر وبالخاصرة من خلال 16 طلقة وحمتني الدرع من 14 منها بينما دخلت الخاصرة طلقتان تسببتا في استئصال الكلية اليسرى وكولون نازل وقسم من الأمعاء، وكسر في الفقرتين الأولى والثانية أدت إلى شلل سفلي.
وتابع: أحصل الآن على مستحقاتي، وسبق لي التقدم بطلب لتأجيري جراراً من مديرية الزراعة لحراثة الأرض، لكون تكلفة الحراثة كبيرة وتتراوح بين 3-4 ملايين ليرة، لأن مساحة الأرض كبيرة تصل إلى 210 دونمات مقدمة من الأخ خلدون جبور، وكان هدفي تغطية نفقات كل جرحى وأسر شهداء منطقتي، ونظراً لوضعي سمح لي صاحب الأرض باستثمارها من دون أي مقابل.
ومعلوم أن هذه الأراضي في جبال الشعرة بضيعة القرندح، وهي آخر نقطة في منطقة القرداحة، تحتاج إلى تركس زراعي، لكونها جبلية، كما تحتاج إلى تسوية الأرض، ولو تم تأمين مستلزمات ذلك لي لكان مشروعي أصبح على مستوى سورية، فالأرض مثل العرض، وعزيمة الإصرار والتحدي يستمدها المرء من الدفاع عن أرضه ووجوده وكيانه وشرفه، لأنك تدافع عن شيء كان له فضل كبير في وجودك، وفي تربيتك وتعليمك، فمنها بدأنا وإليها سنعود، وهي بيتنا الذي سكناه وبيتنا الأبدي بعد عمر طويل، ويستحيل أن تهون علينا وأن نتخلى عنها، أو نسمح للغزاة الذين تكالبوا على الوطن من كل أصقاع الأرض أن يدنسوها، ولذلك ندافع عنها بكل ما أوتينا من قوة وعزم وإصرار.
وأستطيع أن أقيّم تجربتي مع الزراعة بأنها ناجحة، لأن العمل الذي تتقنه تنجح به، فنحن نأكل مما نزرع، إضافة لتربية المواشي، وجميع المحاصيل التي نحتاجها للمؤونة نعمل على تحقيقها، وفي العام الماضي قمت بتسليم (السورية للتجارة) 6 أطنان من الحمص والسنة سلمتها من القمح 12 طناً، عدا الخضراوات المتعددة.
وعن الصعوبات التي واجهت عملهم في ميدان العمل قال الجريح علي: تمثلت في غلاء الوقود وارتفاع أجور الفلاحة وأسعار البذور والسماد، وقد تذللت بعضها من خلال تأمين المازوت اللازم للفلاحة والسقاية والدرس، علماً أن مشروعي نقوم بالعمل به أنا وعدد من الجرحى، وهم: رائد الدريجي وبدر الشيخ علي ورفيق العلي وفادي العلي، وبتكاتفنا مع بعض نحاول تجاوز مختلف الصعوبات.
ومن جديد أقول لزملائي الجرحى: لا تستكينوا ولا تضعفوا، وكونوا أبطالاً في العمل مثلما كنتم في الميدان، وأطعم أولادك لقمة الحلال، ولا تقل إني عاجز، فالعاجز هو عاجز العقل، والعجز الجسدي نتغلب عليه، وأنا خير مثال لما قمت به على صعيد قيادة السيارة.
وفي النهاية يمكنني القول: بالصبر على المصاعب يمكن تجاوز الكثير من المعوقات.