أمريكا والإرهاب الاقتصادي ونيرون العصر ..!

تؤكدّ الوقائع والأحداث التاريخية القديمة والحديثة على أن تاريخ الولايات المتحدة تاريخ إرهابي بشكل عام واقتصادي بشكل خاص، ويتجسد حالياً في سورية وبشكل واضح في جزيرتنا السورية الحبيبة من خلال ممارسة الإرهاب الاقتصادي من سرقة للمواسم وحرق وتدمير لمرتكزات البنية التحتية ودعم للحركات الإرهابية والانفصالية وغيرها من التصرفات التي يخجل منها الضمير البشري، وتمارس أعمالاً تؤكد أن أمريكا دولة مارقة تكرر الأعمال المافاوية والهتلرية والموسولونية والصهيونية ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق الدولية، وهذا تاريخها منذ نشأتها سنة /١٧٧٦/ من إبادة شعب الهنود الحمر وقتلهم بطريقة تسيء للتاريخ البشري والشجر والحجر وحتى نحاس تمثال (الحرية) في (نيويورك) بطوله بأكثر من /92/ متراً ، ومن مهزلة الخبث الأمريكي أن هذا التمثال يعبّر عن رمزية الحرية مجسدة بشخصية الآلهة الرومانية (ليبرتاس)، فأمريكا دولة مارقة والعالم من دونها أفضل، وتمارس في جزيرتنا السورية أعمالاً تذكرنا بما قام به الإمبراطور الروماني الأخير (نيرون) عندما حرق روما، فأمريكا ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبعد أفول سيطرة بريطانيا الاستعمارية أرادت أن تسيطر على العالم بالقوة فقد قصفت القنابل الذرية على اليابان وتحديداً (هيروشيما وناغ زاكي) بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وتأسيسها لنظام عالمي جديد شكلته في (بريتون وودز) في ولاية (نيوهامشر) الأمريكية وبما يخدم مصلحتها فقط، وحاصرت كوبا واحتلت فيتنام وفرضت إرهابها على سورية والعراق والسودان والصومال وفنزويلا، وهددت وتهدد روسيا وإيران والصين، ولكن دوام الحال من المحال فقد بدأ التمرد على السياسة الأمريكية الاستعمارية يزداد من يوم ليوم وعلى الساحة العالمية بأكملها، وها هي الآن تنافسها الصين على قيادة الاقتصاد العالمي، وبدأ أصدقاؤها يبتعدون عنها قبل خصومها، فمثلاً باكستان التي نظمت أول لقاء بين ثعلب السياسة العالمية (هنري كيسنجر) وزير الخارجية الأمريكية مع المسؤولين الصينيين في سبعينات القرن الماضي، انقلبت عليها أمريكا وأعاقت نموها الاقتصادي من جراء دعمها المادي واللوجستي للأعمال الإرهابية للمنظمات الإجرامية فيها وخاصة تنظيم (القاعدة)، ما أدى إلى تراجع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الباكستانية، كما أن أمريكا كانت السبب الأساس في تفجير الأزمة المالية لدول جنوب شرق آسيا وهم حلفاؤها (تايلاند – إندونيسيا- سنغافورة – هونغ كونغ)، وتبدو الانتهازية الاقتصادية الأمريكية واضحة في منطقتنا (شرق المتوسط) وليس (الشرق الأوسط) وهي تسمية استعمارية بريطانية ليتميز عن (الشرق الأدنى والأقصى) واعتمد معيار ذلك على القرب الجغرافي من بريطانيا التي كانت تعدّ نفسها مركز العالم؟!، وتدعم أمريكا الكيان الصهيوني الغادر المحتل وفشلت كل مؤتمرات السلام المزعومة مثل كامب ديفيد الأول والثاني في عهدي الرئيسين (كارتر وكلينتون) سنتي /1979و2000/ والشرق الأوسط الكبير والجديد والفوضى الخلاقة وما يدعى الربيع العربي وهو ربيع صهيوني …إلخ، وقامت أمريكا بنهب الثروات العربية، وبانتهازية واضحة حوّلتها من راعٍ للسلم إلى شريك في الحرب، وحالياً فإن ما يجري في أفغانستان ينسجم مع تاريخ ومبادئ أمريكا، فقد احتلت أفغانستان بحجة مكافحة الإرهاب ومواجهة طالبان وبعد أكثر من /20/ سنة وبعد استغلال الثروات الأفغانية وسرقة أموال البنك المركزي الأفغاني سلمت أفغانستان على طالبان وتمركزوا في القصر الرئاسي في كابول؟!، وتركت عملاءها يتعرضون للتصفية أو يسقطون من دواليب الطائرات الأمريكية ليموتوا في مطار كابول فهل يتعظ المتعاملون عندنا مع أمريكا ويتأكدون أن عداوتها خطر لكن صداقتها موت، وكما قالت (كوندوليزا رايس) إنها تتعامل مع حلفائها كما تتعامل مع أحذيتها و…؟!، وهنا نسأل بل نتساءل: ما مستقبل الإمبراطورية الاقتصادية النيرونية الهتلرية الأمريكية في ظل تغير المعادلات الدولية ؟، فمثلاً هل ستترك الصين وروسيا وإيران الحرية لطالبان لدعم الإرهاب عن طريق التمدد في الجمهوريات المجاورة لأفغانستان وعبر حدودها معها وهي بالكيلومترات كما يلي:

[باكستان /2600/ كم – طاجيكستان/1345/ كم – إيران /945/كم – تركمانستان /804/ كم – أوزبكستان /144/ كم – الصين /76/ كم] وكل هذه الدول واستنفرت قواتها على الحدود الأفغانية ذات الموقع الجيوسياسي الهام، ولكن الصين تعدّ قارة آسيا بشكل عام وأفغانستان بشكل خاص أنها نقطة ارتكاز في مشروعها العالمي (طريق الحرير أو الحزام والطريق)، وأفغانستان تمتلك ثروة كبيرة من المعادن الهامة مثل (النحاس والليثيوم والبريليوم) وأكدت الدراسات أن الاكتشافات الأخيرة للثروات والوقود الأحفوري بحدود /3/ تريليونات دولار، ويزداد الطلب العالمي على هذه الثروات بشكل كبير، فمثلاً زاد الطلب السنوي على الليثيوم الذي يُستخدم في صناعة البطاريات للسيارات الكهربائية والهواتف الذكية وأجهزة الحاسب الآلي المحمولة من /6% إلى 20%/ في السنتين الأخيرتين، كما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن ما تمتلكه أفغانستان من الليثيوم يشبه ما تمتلكه السعودية من احتياطات النفط العالمية وأن رواسب الليثيوم يعادل ما تمتلكه بوليفيا التي تعد واحدة من أكبر مصادر استخراج الليثيوم في جميع أنحاء العالم، و معروف أن الصين تستثمر في استخراج هذه المعادن عبر شركتها العملاقة (ميتالورجيكال) ووقعت عقد انتفاع لمدة /30/ سنة لاستخراج النحاس في مقاطعة (لوغار) الأفغانية ، وتم الاتفاق خلال لقاء وزير الخارجية الصيني مع وفد من طالبان على أن تساهم الصين في إعادة إعمار أفغانستان، فهل تتحول أفغانستان بحكم الضرورة إلى بلد يساهم في زيادة القوة الصينية الروسية الإيرانية وتراجع القوة الأمريكية، وإن كنت أتمنى ذلك لكن لا أتوقعه؟! وهل ستنضم إلى مبادرة الحزام والطريق فإني أتوقع ذلك، وكل الاحتمالات متاحة والقوة تفرض ذاتها وخاصة مع سيطرة منطق القوة وليس قوة المنطق, و«إنَّ غداً لناظره قريب» ؟!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار