تتواصل عمليات إجلاء آلاف الرعايا الغربيين والأفغان من أفغانستان وسط أجواء مشحونة مع تكرر حوادث إطلاق النار لتفريق الحشود في مطار كابول، في حين أقرت واشنطن بأن حركة طالبان تيسر وصول الأميركيين إلى المطار.
لم يتلق الكثيرون من بين المتجمهرين الذين زحفوا إلى مطار كابول أي مؤشر على أنه سيتم إجلاؤهم، لكنهم مع ذلك وصلوا إلى المكان، متلهفين للخروج من أفغانستان.
غير أن الآخرين تلقوا رسائل بالبريد الإلكتروني بالقدوم إلى المطار، والانتظار حتى يتم ترتيب الإجراءات الخاصة بنقلهم في رحلة جوية.
لقد حضر الآلاف، والغالبية العظمى منهم لا تملك فرصة حقيقية بأن يتم إجلاؤهم. ويقوم الجنود البريطانيون بإطلاق النار في الهواء أحياناً من أجل السيطرة على الحشود.
كما يتواصل إجلاء آلاف الدبلوماسيين والأجانب والأفغان الذين عملوا معهم، في ظروف صعبة في كابول منذ سقوطها في قبضة طالبان.
لقد أقيم جسر جوي تشارك فيه طائرات من العالم أجمع لإجلاء الأجانب والأفغان، إلى مطار كابول الذي اجتاحته حشود تريد الفرار من البلاد.
بدورها، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول في حركة طالبان أن مسلحيها أطلقوا النار في الهواء في مطار كابول بهدف تفريق الحشود، وليس لإلحاق الأذى بالمدنيين الذين يحاولون دخول المطار للسفر.
كما أفادت رويترز نقلاً عن مسؤول في حلف شمال الأطلسي “ناتو” بإصابة 17 مدنياً على الأقل في تدافع قرب بوابة مطار كابول أثناء إجلاء بعض الدول دبلوماسييها ورعاياها.
وقال المسؤول: إن بعض الأفغان يسعون للمغادرة بعد سيطرة طالبان على كابول الأحد الماضي، رغم التحذيرات بعدم التجمع في المطار أو حوله إلا لمن لديهم تأشيرات سفر.
وكانت القوات الأميركية أغلقت المطار العسكري لبعض الوقت عقب حدوث فوضى سقط فيها قتلى من المدنيين الأفغان بالرصاص أو بسبب التدافع، ولكن أعيد فتح المطار في اليوم نفسه لتستأنف بعد ذلك الرحلات التي تسيرها دول عديدة.
وقد قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي: إن الوضع الأمني في مطار كابول مستقر.
وأشار في وقت سابق في مؤتمر صحفي مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى أن مسلحي طالبان لا يتدخلون في العمليات الأميركية، لكنهم يساعدون في تيسير مرور المواطنين الأمريكيين إلى داخل المطار.
من جهته، قال أوستن: إن هدف قواته هو رفع القدرة على الإجلاء من أفغانستان، وأشار إلى أنهم لم يسجلوا أي احتكاك مع مقاتلي حركة طالبان، مشدداً على أن القوات الأميركية لديها التزام أخلاقي بمساعدة الأفغان الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة.
أما قائد القوات المسلحة البريطانية الجنرال نيك كارتر فقال إن بلاده تتعاون مع طالبان ميدانياً لتوفير الأمن في أماكن وجودها، مشيراً إلى أن الحركة تساعد في عمليات الإجلاء من المطار وتبقي شوارع كابول هادئة وآمنة جداً، حسب تعبيره.
من جهتها، أفادت وكالة رويترز عن مسؤول غربي بإجلاء نحو 5 آلاف من الدبلوماسيين وعمال الإغاثة وموظفي الأمن والأفغان من كابول.
وقال المسؤول الغربي: إن طائرات عسكرية ورحلات خاصة ستواصل عمليات الإجلاء من كابول على مدار الساعة، مضيفاً: القضاء على الفوضى خارج مطار كابول يشكل تحدياً.
في السياق، قال سفير بريطانيا في أفغانستان: إن فريقه أجلى نحو 700 شخص يوم الثلاثاء الماضي، في حين ذكر وزير الخارجية الألماني أن بلاده أجلت 500 شخص.
وأظهرت صور لمطار كابول التقطت بالأقمار الصناعية تواصل عمليات الإجلاء التي توقفت يوم الاثنين الماضي لبعض الوقت بعد اقتحام آلاف الأفغان مدرج المطار.
كما أظهرت الصور المدرج خالياً من الركاب الراغبين في مغادرة البلاد، فضلاً عن وجود طائرات عسكرية رابضة في الجزء العسكري من المطار الذي يقع في الجهة الشمالية، أما في الجهة الجنوبية أو الجزء المدني الذي تسيطر عليه حركة طالبان فقد بينت الصور اصطفاف سيارات عند مدخله.
وتؤكد حركة طالبان أن جميع من كانت له صلة بالحكومة الأفغانية منحوا العفو.
وتقول إنها ستشكل حكومة “جامعة”، لكن الكثيرين هنا ينتابهم القلق العميق حيال المستقبل.
في الأماكن الأخرى من المدينة، تبدو الأوضاع أكثر هدوءاً. ويبدو كأنه عالم آخر. فالمحلات والمطاعم تفتح أبوابها، لكن أصحاب البسطات في سوق للخضار والفواكه يقولون -حسب ما نقلت الوكالات – إن عدد الناس الذين يخرجون إلى السوق ما زال أقل بكثير من المعتاد.
في هذه الأثناء، تجد مسلحي طالبان في كل مكان، يسيرون دوريات في السيارات التي استولوا عليها من قوات الأمن الأفغانية.
يقولون إنهم يحافظون على وجودهم لمنع عمليات النهب والاضطرابات، لكن ما زال الكثيرون يحاولون فهم كيف ستكون الحياة في ظل حكم حركة طالبان.