يبدو أن الخطوات العملية لمشروع تنمية بادية السويداء قد بدأت تُترجم بشكل فعلي على أرض الواقع، حيث تم تخصيص عشرة آلاف دونم بشكلٍ مبدئي من أملاك الدولة تقع إلى الشرق من قرية الرشيدة وعلى بعد ٣٥ كم من مركز المحافظة لتكون النواة الأولى لانطلاق المشروع الزراعي الكبير المراد إقامته على تخوم البادية .
وأشارت رئيسة اللجنة المشكلة لهذا المشروع المهندسة سهى الجرماني إلى أن هذه الأراضي العائدة ملكيتها لأملاك الدولة، والتي هي بالأصل غير مستثمرة لعدم توافر المياه إضافة لقلة الهاطل المطري سيتم توزيعها وفق حيازات محدودة على الأسر الأشد فقراً وخاصة القاطنين منهم ضمن القرى الواقعة بالقرب من هذه المنطقة.
وأضافت: ستتم زراعة هذه الحيازات بإشراف الدولة وبهدف نجاحها ستكون مروية من خلال حفر العديد من الآبار الارتوازية والتي أظهرت المؤشرات أنها متوافرة بشكلٍ جيد وعلى أعماق متوسطة، فضلاً عن إحداث سدّات مائية لتخزين مياه الأمطار وخاصة الأمطار الرعدية التي تذهب من دون أن يُستفاد منها، علماً أن هذه الآبار سيتم تشغيلها على الطاقة الشمسية لكون شدة الإشعاع الشمسي ممتازة في تلك المنطقة وخاصة أن ساعات الإشعاع الشمسي تصل إلى نحو /٩/ ساعات، إضافة إلى الاستفادة من الطاقة الريحية المتوافرة في هذه المنطقة لكونها مفتوحة من كل الاتجاهات.
ولفتت الجرماني إلى أن الأسبار الجيولوجية أثبتت غنى المنطقة بالمياه الجوفية، لذلك فإن حفر المزيد من الآبار سيوقف بكل تأكيد نزوح المياه المالحة باتجاه المياه الحلوة, حيث أثبتت تحاليل المياه لآبار المناطق الشمالية من المحافظة « الصورة الكبيرة- حزم- ذكير- خلخلة» أنها تتميز بارتفاع نسبة الملوحة, ما يدل على ارتفاع الاستثمار لدى حوض اليرموك، وانعدام الاستثمار المائي لدى منطقة البادية الهامشية.
مؤكدةً ضرورة تنفيذ هذا المشروع الحيوي الكبير, وتالياً استثمار الأراضي زراعياً وتنميتها مائياً، وبتحقيق هذين البندين من المشروع نضمن تحقيق الأمن المائي ووقف زحف الصحراء وزيادة المساحات الخضراء في تلك المنطقة الغنية بتربتها البركانية, إضافة لمكافحة الفقر والبطالة وهجرة أبناء القرى الواقعة في تلك المنطقة إلى خارج هذه القرى، ورفع مستوى دخل الفرد المعيشي من خلال تأمين فرص عمل له، ورفد الاقتصاد الوطني بموارد جديدة لم تكن قائمة سابقاً .
ومن ناحية ثانية قالت الجرماني : إن اللجنة بدأت وبشكلٍ عملي اختيار أنواع متعددة من الزراعات الملائمة للظروف المناخية الواجب زراعتها في تلك المنطقة وهي ذات مردودية اقتصادية عالية و من الزراعات التي تم اختيارها الزعفران و البندق و النباتات الطبية الموجودة أصلاً في المنطقة منذ القدم كالشيح و الزعتر البري, فضلاً عن ذلك سيتم تخصيص بعض الحيازات للنباتات الرعوية كالبرسيم و الشعير و الفصّة وغيرها، وذلك لتشجيع المربين المقيمين هناك على تربية الجِمال والماعز والأبقار والأغنام وخاصة أن هذه المناطق تعدّ البيئة المناسبة لهذه التربية على أن يتم تسميد التربة من مخلفات الثروة الحيوانية بغية زيادة إنتاجها الزراعي .
وأضافت: إن اللجنة تقدمت بمقترح لمحافظ السويداء على حفر بئر استكشافية في المنطقة المستهدفة ليصار إلى دراستها بشكل عملي, إضافة إلى تخصيص ٣٠ دونماً لبناء لمركزٍ للبحوث الزراعية بالقرب من هذه البئر, حيث وافق المحافظ على المقترح الذي تقدمت به اللجنة وبناءً على هذه الموافقة تم تسطير كتاب لوزارة الموارد المائية للحصول على الموافقة النهائية لحفر البئر الاستكشافية ودراسة عمق البئر وبيان إمكانية رصد اعتمادات لتنفيذها , علماً أن اللجنة المؤلفة من /٢٣/ مهندساً ومهندسة وفنيين قامت بإعداد دراسة تفصيلية عن المنطقة, حيث تم الانتهاء من أعمال الرفع الطبوغرافي للمنطقة من قبل مديرية الخدمات الفنية, إضافة للانتهاء من إعداد الإضبارة الفنية للمشروع مع وضع خطة تنفيذية للمشروع ليتم العمل بها على مراحل.
وأوضحت رئيسة اللجنة أن المشروع وفي حال تنفيذه سيحول المنطقة المستهدفة إلى سلة غذائية ليس للمنطقة الجنوبية فقط وإنما لكل سورية, مع العلم أن المنطقة تعد ملائمة لاستثمار الطاقات المتجددة, والتي من خلالها من الممكن توفير الكهرباء لكل المنطقة الجنوبية طبعاً حسب خريطة الإشعاع الشمسي، و سرعة الرياح .
الأهالي يرحبون
لاقى المشروع المراد إقامته في منطقة البادية الهامشية ترحيباً كبيراً من الأهالي، وأشار عاطف الأوس أحد قاطني هذه المنطقة إلى أن هذا المشروع في حال تنفيذه ستكون له انعكاسات إيجابية على كل أهالي القرى الواقعة على تخوم البادية، وسيكون بمنزلة المحفز لاستقرار الأهالي ضمن قراهم، وأضاف: إن التربة لدى أراضيهم صالحة للزراعة لكنها تحتاج إلى مياه وتأمين المياه كفيل بتحويل هذه الأراضي إلى منتجة.
من جانبه قال طرودي بحصاص أحد أبناء المنطقة أيضاً ورئيس بلدية سالة أن هذا المشروع سبق أن تم طرحه منذ سنوات، إلا أن الحرب على البلاد حالت دون استكماله، لافتاً إلى أن المشروع سيكون ناجحاً لتوافر كل المقومات بدءاً من المياه الجوفية, والتي لم تُستثمر لتاريخه وانتهاءً باليد العاملة، عدا عن ذلك فهذا المشروع سيؤسس لنواة زراعية ذات مردودية اقتصادية عالية تنعكس بشكل إيجابي على الأهالي الذين هم بالأصل يعملون بالزراعة.
وقال المزارع فيصل نوفل: يعد هذا المشروع من أهم المشاريع الحيوية في حال تنفيذه لكونه سينعش المنطقة زراعياً واقتصادياً وهذا مطلب الأهالي منذ سنوات .
يشار إلى أن المشروع يستهدف أكثر من أربعين قرية وتجمعاً سكانياً تقع على تخوم البادية , حيث يمتد المشروع من قرية الشعاب جنوباً وحتى قرية الساقية شمالاً وذلك على امتداد الشريط المحاذي للمحافظة شرق المعمورة بعرض ٨ كم .