السقوط المدوي والسريع للحكومة الأفغانية التي هي صنيعة أمريكية ومن المفترض أن تكون حليفة للولايات المتحدة، يتردد صداه في أروقة المؤسسات الأمريكية، وخاصة من مسؤولين سابقين، سألوا عن جدوى إنفاق 42 مليار دولار سنوياً في تلك البلاد، وقد وجه عدد منهم انتقادات حادة لآلية الانسحاب الأمريكية من أفغانستان.
وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس عدّت في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن الولايات المتحدة تسرّعت في سحب قواتها وكتبت: “بعد سقوط كابول ظهرت رواية مدمرة وغير عادلة للغاية تلقي باللوم على الأفغان فيما انتهى إليه الأمر.. لا، لم يختاروا طالبان”.
وقالت رايس: “20 عاماً لم تكن كافية لإكمال الرحلة من حكم طالبان الذي يذكر بالقرن السابع ومن 30 عاماً من الحرب الأهلية، إلى حكومة مستقرة”.
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أيضاً أدلى بدلوه إذ عدّ أن جنود الجيش الأفغاني قاتلوا ليس من أجل وطنهم، لكن مقابل الأموال الأمريكية، و”أول ما توقف التمويل، توقفوا عن القتال واستسلموا”.
وعبر ترامب في تصريحات صحفية عن غضبه لمقدار الأموال التي أهدرت في أفغانستان، وقال: “لقد أنفقنا (على العملية في أفغانستان) 42 مليار دولار سنوياً.. تأملوا هي 42 ملياراً.. كما أفهم..”
وحسب الرئيس الأمريكي السابق، فإن مروحيات “بلاك هوك” التي قدّمتها واشنطن للجيش الأفغاني والتي كلفت المليارات ووصفها ترامب بأنها “أفضل تقنية في العالم”، “ستدرسها الآن روسيا والصين وأي جهة أخرى”.
وعبّر ترامب عن استيائه من أن الولايات المتحدة لم تدمر معدات عسكرية قبل مغادرتها أفغانستان، فأصبحت الآن في قبضة “طالبان”.
ووصف مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي سابقاً، الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بأنه “كارثي” ويمثل أكبر إذلال للولايات المتحدة في الساحة الدولية منذ 40 عاماً بعد الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران.
وحسب بينس، فإن قرار بايدن سحب القوات غطى الولايات المتحدة بالعار أمام العالم، وجعل الحلفاء يتشككون في مصداقية البلاد، وأساء لذكرى الأمريكيين الذين خدموا في أفغانستان على مدار عشرين عاماً الماضية. ووصف بينس ما فعله الرئيس جو بايدن بأنه “ضعف تمخض عنه شر”.
الهروب الأمريكي المتسرع من أفغانستان ترك خلفه مشاكل جمة، لعلّ من أبرزها ترك الكثير من الأمريكيين ومن المتعاونين معهم لمصير مجهول في قبضة حركة متطرفة، إذ أعلن مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي للكونغرس، أن ما يصل إلى 15 ألف أمريكي، ما زالوا عالقين في أفغانستان بعد استيلاء حركة طالبان على البلاد.
أمريكا تتحمل المسؤولية عندما دمرت ذلك البلد لإبراز عضلاتها، وحين فشلت في بناء دولة قوية وحين هربت بلا ضمانات أو سلام بين الأطراف..