دور الأهل في علاج ظاهرة السرقة عند الأطفال؟

ابني يسرق رغم توافر كل ما يحتاجه، شعرت بالصدمة عندما شاهدت مصادفة حقيبته المدرسية ممتلئة بالأقلام والألوان والقرطاسية، وحين سألته عنها أجاب: ” لزملائي في الصف” وقتها اكتشفت أنه يأخذ كل ما يرغب من دون أن يعلم أن هذا يسمى “سرقة”، أعلمته بالأمر وأقنعته بأن هذا السلوك خاطئ، وعليه أن يعيد الأشياء المسروقة إلى زملائه لكنه رفض.
بهذه القصة وصفت عبير حالة ابنها ذي السبعة أعوام، وتابعت حديثها بغصة: رغم ملاحظتي سابقاً أن لدى ابني رغبة في استحواذ وامتلاك أي شيء يعجبه، وتضيف حتى في السوبر ماركت يضع في جيبه قطع “الشوكولا” التي كنت أدفع ثمنها وأضحك، ولا أبالي بأمره ولا أنصحه، رغم معرفتي أنه سلوك غير سوي، ولم أدرك أن سكوتي واستهتاري علّم ابني السرقة.
د. عائشة ناصر كلية التربية – جامعة دمشق بيّنت أن الأطفال سيعلمون أن السرقة عمل خاطئ، إذا وصف الآباء والأمهات هذا العمل بالخطأ، وإذا عاقبوهم في حال الاستمرار في ممارستها.
هنا يبدأ مفهوم السرقة بالتبلور لدى الطفل نفسه، حيث هناك فئة يسرقون لعدة أسباب، وهم يدركون أن ما يأخذونه يعود لغيرهم، فيمكن أن يوجد لديهم نقص ما في بعض الأشياء أو المتطلبات، وهم بذلك يضطرون للسرقة لتعويض ذلك النقص، والبعض منهم تؤثر عليهم البيئة التي يعيشون فيها، وخاصة إذا كان أحد الوالدين متوفى، أو أن تكون البيئة نفسها فقيرة، وكلها باتت عناصر تساعد الطفل على أن يسرق لزيادة شعوره بالنقص في مثل تلك الظروف.
وهنا على الأهل أن يعلّموا الأطفال القيم والعادات الجيدة، وتوعيتهم أن الحياة للجميع وليست لفرد معين، وحثهم على المحافظة على ممتلكات الآخرين، حتى في حال عدم وجودهم، فالمعلوم أن نشوء الطفل في جوٍّ يتسم بالأخلاق والقيم الحميدة يؤدي إلى تبني الطفل لتلك المعايير، فهو بإمكانه أن يشتري بمصروفه ما يشعر أنه يحتاج إليه فعلاً حتى لو كان ضئيلاً.
وعند حدوث حالة من السرقة، يجب على الأهل البحث عن الأخطاء، والأسباب التي دعت إلى ذلك السلوك، سواء كان ذلك من داخل البيت أو خارجه، مع التصرف بأقصى سرعة ممكنه، ويجب أن يفعل الأهل ما يرونه في صالح أطفالهم بمعالجة الأمر بروية وتأنٍ، وأن يعيد ما سرقه إلى الشخص الذي أخذه منه، مع الاعتذار له من دون تردد، ودفع ثمنه في حالة ما إذا كان الطفل قد صرف أو استهلك بالفعل ما سرقه.
ويجب على الأهل تفهم دوافع وأسباب قيام الطفل بذلك كما أسلفنا، فقد يكون مرجعه إلى الحرمان الاقتصادي بسبب نقص مادي يشعر به الطفل، أو أن زملاءه يملكون النقود، وقد يكون السبب الحرمان العاطفي، لشعوره بالحرمان من الحنان والاهتمام ممن هم حوله، وقد يكون لعدم إدراك الطفل لمفهوم السرقة، وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وتالياً فإن الفهم الصحيح للسبب يترتب عليه استنتاج الحل المناسب، فإذا كان الدافع مادياً، فيتم تزويد الطفل بما يحتاجه من نقود، وإفهامه بأن يطلب ما يحتاجه، أما إن كان السبب متمثلاً في الحرمان عاطفياً فيجب إظهار الاهتمام به، وبحاجاته وقضاء الوقت الكافي معه، وقد يكون سبب السرقة لدى الطفل لعدم الإدراك، وهنا يجب التوضيح للطفل ما تعنيه السرقة، وشرح القواعد التي تحكم الملكية له بأسلوب بسيط، وتجنب العقاب القاسي حتى لا يترتب عليه الكذب أو المراوغة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار