صوناً للأراوح
تتزايد أعداد حوادث المرور بشكل مطرد وتزداد دمويتها وعدد الضحايا الذين يفقدون أرواحهم أو يصابون بعاهات مستدامة تؤثر على حياتهم ضمن المجتمع، ووفقاً لأرقام الإدارة العامة للمرور فقد وصل عدد هذه الحوادث إلى ما يزيد على 4000 خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بحوالي 6700 خلال العام الماضي بأكمله.
حوادث المرور أمر طبيعي في كل دول العالم وحتى لدينا، وأغلبها كان يعود إلى القضاء والقدر بفعل قلة خبرة السائق أو عدم التزامه بأصول القيادة وفي حالات قليلة لخلل فني طارئ في المركبة.
لكن وضمن الظروف الحالية فإن الكثير من حوادث المرور تعود إلى سوء حالة المركبة بالدرجة الأولى وسوء حالة الطرق بدرجة أقل، وهذا مرده إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يواجه المواطنين ويضغط عليهم كي يوجهوا مواردهم إلى احتياجاتهم الأكثر ضرورة في حياتهم اليومية.
فالارتفاع الكبير في أسعار الإطارات وقطع غيار السيارات مقارنة بالدخل شبه الثابت وسوء وسائط النقل العامة وعدم قدرتها على تلبية احتياجات المواطنين يدفعهم إلى التغاضي عن أمور مهمة في الحالة الفنية للمركبة، كذلك فإن طمع أصحاب وسائط النقل الجماعية ورغبتهم في تحقيق دخول أعلى يجعلهم يحملون مركباتهم أضعاف قدرتها الطبيعية، وهذا ما نجم عنه في الآونة الأخيرة حوادث مؤلمة لعائلات وطلاب جامعات وغيرهم.
وهذا «التوفير» في النفقات لا يقتصر على المواطنين والقطاع الخاص بل تعداه إلى وسائط نقل العاملين في الجهات العامة، فمن يتابع حركة هذه الوسائط يلاحظ أن النسبة الأكبر منها تعاني مشكلات فنية خطيرة، لدرجة أن بعضها يتم «ترقيع» زجاجها المكسور بأكياس نايلون، لكن ولحسن الحظ فإن أغلبها يقتصر عمله على إحضار الموظفين ضمن المدن ولمسافات قصيرة ما يقلل من احتمالات الحوادث.
لذا نتمنى من القائمين على إصدار قانون المرور الذي يتم العمل عليه مراعاة وضع ضوابط مشددة لدفع المواطنين للحفاظ على الحالة الفنية لسياراتهم صوناً لأرواحهم، والتشدد في العقوبات على أصحاب وسائط النقل العامة الذين يتهاونون بأرواح المواطنين في سبيل تحقيق الأرباح، كما نأمل بإعادة التأهيل لكثير من طرقاتنا وفق الأولويات والإمكانات المتاحة.