بمشاركة وفد روسي كبير بدأ اليوم الاجتماع المشترك السوري الروسي لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين السوريين الذين اضطرتهم جرائم الإرهابيين لمغادرة البلاد وذلك في قصر المؤتمرات بدمشق.
وأوضح وزير الإدارة المحلية والبيئة في حكومة تسيير الأعمال رئيس الهيئة التنسيقية الوزارية السورية الروسية المهندس حسين مخلوف في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع أنه يأتي لمتابعة نتائج المؤتمر الدولي لعودة اللاجئين نهاية العام الماضي، لافتاً إلى التحسن الكبير بالأوضاع الأمنية على الأراضي السورية وجهود الدولة السورية وسعيها لتأمين المتطلبات والمستلزمات لمواطنيها والجهود المشتركة للهيئتين التنسيقيتين السورية الروسية لعودة المهجرين والذي أسهم بالعودة الطوعية والآمنة لنحو 5 ملايين مهجر وكان آخرهم عودة أهالي الزارة في محافظة حماة.
وقال مخلوف: على الرغم من الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية اتخذت الدولة السورية كافة الإجراءات والترتيبات التي شكلت أساساً مهماً لعودة المهجرين السوريين إلى منازلهم وذلك من خلال تهيئة البيئة التشريعية الداعمة للعودة وتأمين سبل العيش الكريم، لافتاً إلى استمرار العمل بوتيرة متسارعة من أجل تسهيل إجراءات العودة في كل المجالات من صدور مراسيم العفو والإفراج عن دفعات من الموقوفين وإعفاء المواطنين من الغرامات المترتبة عليهم ومعالجة مشاكل المهجرين المغادرين سورية بشكل غير شرعي وتبسيط الإجراءات واستصدار الوثائق الشخصية من المركز الحدودي للأشخاص فاقدي وثائق سفرهم خارج سورية.
وأكد مخلوف أن الدولة السورية تولي الاهتمام الأكبر لتنشيط القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها الصناعة بما يدعم زيادة الإنتاج لتأمين متطلبات البلاد.
وأشار الوزير مخلوف إلى أن التنظيمات الإرهابية المدعومة من النظام التركي لم تسمح بخروج العائلات والأفراد من المناطق التي تنتشر فيها ومارست أقصى درجات التهديد والضغط وأن ما نشهده من حرق محاصيلنا الزراعية وقطع مياه الفرات وقطع مياه الشرب يبين الوجه الحقيقي للاحتلال التركي وعملائه من الإرهابيين خلافاً لكل الأعراف الدولية والقيم الإنسانية كما يبين حجم المؤامرة الكبير ويعري أدوار كل من يصمت عن هذه الممارسات سواء أكانوا دولاً أم منظمات أم أفراداً ويوجب التحرك من الهيئات الأممية لرفع هذه الممارسات عن أبناء شعبنا.
ولفت الوزير مخلوف إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تقوم من خلال مرتزقتها بنهب واستنزاف الثروات الطبيعية والمحاصيل الزراعية في الجزيرة السورية وبسرقة النفط وبيعه بطرق غير شرعية وتكريره بطرق بدائية وعشوائية تؤدي إلى تلوث البيئة بكل أشكالها.
وأكد الوزير مخلوف أن كل ما هو مطلوب لعودة المهجرين قامت وتقوم به الدولة السورية وبتضافر الجهود مع روسيا والدول الصديقة والمنظمات العاملة في سورية لكن العائق يتمثل بالاحتلالين الأميركي والتركي ودعمهم للإرهابيين ونهب الموارد إلى جانب الإجراءات القسرية الاقتصادية الغربية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري.
بدوره بين رئيس الهيئة التنسيقية الوزارية المشتركة في روسيا الاتحادية رئيس مركز إدارة الدفاع الوطني العماد أول ميخائيل ميزينتسيف في كلمة مماثلة أن السوريين العائدين يحصلون على رعاية طبية ومساعدات غذائية وغيرها كما يتم إيصال العائلات إلى أماكن إقامتهم المختارة في أقل وقت ممكن وتأمين فرص عمل وتعليم.
وأكد ميزينتسيف تواصل العمل المشترك من خلال الهيئتين التنسيقيتين الوزاريتين المشتركتين السورية الروسية والذي يضمن تنفيذ مجموعة كاملة من التدابير لعودة المهجرين واستعادة الحياة الآمنة في البلاد، مشيراً إلى إصلاح 987 مؤسسة تعليمية و255 مؤسسة طبية و4966 مبنى سكنياً وأكثر من 14.4 ألف مؤسسة صناعية فضلاً عن الجسور والطرق السريعة وخطوط الكهرباء وتشغيل مئات منشآت المياه والمخابز.
وشدد على ضرورة تعزيز جهود المجتمع الدولي بأسره في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري ومساعدة الحكومة في تهيئة ظروف لائقة لعودة السوريين إلى مناطقهم، محذراً من أن التدابير التقييدية الغربية المفروضة على سورية تعيق إعادة إعمار البلاد كما أن الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية على الأراضي السورية يحول دون استقرار الأوضاع في المناطق التي تنتشر فيها.
وفي كلمة قال وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تسيير الأعمال الدكتور فيصل المقداد: إن قضية عودة اللاجئين السوريين لا تزال تتعرض لتسييس شديد وضاغط يمارس علانية على الدول والمنظمات الدولية المعنية وهدفه الرئيسي عرقلة عودة الراغبين من اللاجئين وهم الأغلبية إلى وطنهم بغرض تحقيق مآرب سياسية تتعارض مع أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومع المصلحة الوطنية للدولة السورية.
وأضاف المقداد: إن آخر مظاهر التسييس انعقاد ما يسمى “مؤتمر بروكسل الخامس لدعم مستقبل سورية والمنطقة” في شهر آذار الماضي دون مشاركة الحكومة السورية أو التشاور معها بقصد ممارسة الضغط عليها عبر استخدام اللاجئين السوريين كورقة سياسية لتحقيق أهداف عدد من الدول الغربية الراعية والمشاركة بالمؤتمر وفي الحرب الإرهابية على سورية.
وأشار المقداد إلى أن المؤتمر المذكور خصص موارد مالية كبيرة للدول المضيفة للاجئين حصراً بغية عرقلة عودة المهجرين الراغبين وإبقائهم في مخيمات اللجوء رغم عيش غالبيتهم بحالة مزرية من الفقر المدقع وذلك بشهادة تقارير المنظمات الدولية المعنية وصولاً إلى توطينهم في تلك الدول.
وبين المقداد أن بعض الأطراف المسيسة في المنظمات الدولية المعنية تسهم بطرق شتى في تشجيع السوريين على عدم العودة عبر ممارسة التضليل لتشويه صورة الأوضاع داخل سورية والترويج لحل إعادة التوطين على حساب حل العودة وذلك بالرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تشهدها الدول المضيفة للاجئين على خلفية تداعيات جائحة كورونا وغيرها من المشاكل الاقتصادية والإنسانية.
وأوضح المقداد أن الاجتماع يهدف إلى متابعة العمل لمخرجات مؤتمر عودة اللاجئين واستعراض ما أنجز على الأرض لتأمين عودتهم لبلدهم ومتابعة دعوة المؤتمر للمجتمع الدولي لتقديم الدعم المناسب لهم ولزيادة مساهمته ودعمه لسورية بما في ذلك تنفيذ المشاريع المتصلة بإعادة الإعمار في جميع المجالات وكذلك العملية الإنسانية لنزع الألغام باعتبارها متطلبات مهمة لتسهيل عودة اللاجئين والنازحين لمناطقهم التي أجبروا على الخروج منها بفعل الإرهاب.
كما يهدف الاجتماع وفقاً للمقداد إلى مواصلة التصدي لتسييس قضية اللاجئين السوريين من قبل الدول الغربية ولا سيما تلك الراعية لـ “مؤتمر بروكسل” وذرائعها البعيدة كل البعد عن الإنسانية لكونها نفس الدول التي تفرض حصاراً اقتصادياً جائراً على سورية وشعبها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.
وأكد أن الحكومة تواصل عملها ضمن الإمكانيات المتاحة لتسهيل وتيسير عودة مواطنيها المهجرين إلى بلدهم ولتهيئة ظروف الحياة المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة “روسيا الاتحادية وإيران والصين” ومع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية المعنية، مشيراً إلى التداعيات الكارثية للإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على سورية وشعبها من قبل الدول الغربية ومواصلة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها وتركيا و”إسرائيل” احتلالهم لأراض سورية وسرقتهم ونهبهم للثروات والمقدرات الوطنية ولا سيما النفط والغاز والقمح والمياه والآثار وما ألحقوه من أضرار جسيمة متعمدة بالاقتصاد السوري وبجهود إعادة الإعمار وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من ناحيته أكد معاون وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تسيير الأعمال الدكتور أيمن سوسان في كلمة مماثلة عودة عشرات الآلاف من المهجرين في الداخل إلى منازلهم في مدنهم وقراهم كما عاد الآلاف من خارج سورية منذ انعقاد المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين في تشرين الثاني 2020 بدمشق نتيجة الإجراءات التي اتخذتها الدولة في مختلف المجالات لتسهيل عودتهم وفى مقدمة ذلك مراسيم العفو وتسوية الأوضاع والمصالحات الوطنية التي أدت إلى الإفراج عن عدد إضافي من الموقوفين المغرر بهم.
وبين أن الحكومة السورية وبتوجيهات من السيد الرئيس بشار الأسد ستستمر في اتخاذ كل الإجراءات لتأمين وتسهيل عودة المهجرين وتأمين متطلبات الحياة الكريمة لهم.
ولفت سوسان إلى أن استمرار بعض الدول المعادية لسورية في إعاقة عودة أهلنا المهجرين واستثمار معاناتهم لخدمة أجنداتها المعادية يشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني وشرعة حقوق الإنسان ولن تفلح في تنفيذ مخططاتها وستفشل مجدداً أمام إرادة السوريين وتصميمهم على الحفاظ على بلدهم.
وأشار سوسان إلى أن الاحتلالين الأميركي والتركي الغاشمين لبقع غالية من الوطن والإجراءات القسرية أحادية الجانب اللامشروعة ومحاولات منع عملية إعادة الإعمار تشكل استمراراً لسياسات أعداء سورية لعرقلة عودة اللاجئين.
المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف أكد من جانبه أن الأولوية اليوم هي لإعادة سورية إلى الحياة الطبيعية وإعادة إعمار الاقتصاد وخلق الظروف المناسبة لعودة اللاجئين والنازحين إلى أماكن إقامتهم الدائمة مشيراً إلى أن عدد الراغبين في العودة إلى بيوتهم كبير.
وقال لافرنتييف: إن هناك مسألة ملحة وهي إعادة التوجيه التدريجي لتدفقات المانحين من تأمين إقامة اللاجئين في الخارج إلى خلق الظروف الكريمة لأجل تواجدهم في وطنهم.
وأشار لافرنتييف إلى التأثير الهدام للإجراءات غير الشرعية أحادية الجانب المفروضة على سورية، مبيناً ضرورة وضع حد للعقوبات الجماعية للشعب السوري فقط لأنه يقف مع بلاده، داعياً جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات محددة وفعالة من أجل حل مشكلة اللاجئين السوريين التي تتصف بالطبيعة الإنسانية الصرفة في أسرع وقت ممكن.
من جهته أكد الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية السفير الروسي بدمشق ألكسندر يفيموف أن الجهود المشتركة التي تقودها سورية وروسيا في المساعدة على عودة اللاجئين والنازحين السوريين قد أخذت شكلاً لا عودة عنه، معرباً عن أسفه لمحاولات بعض الدول التقليل من أهمية المبادرة في هذا المجال أو تشويه صورتها في نظر المجتمع الدولي.
وقال يفيموف: إن الظروف المناسبة قد تشكلت بفضل القرار 2585 “بشأن تمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود” والذي يتضمن عدداً من النواحي الجديدة مبدئياً في الاستجابة للاحتياجات العامة للسوريين وفي هذه الوثيقة تم الاعتراف على وجه الخصوص بالضرورة الماسة لتوسيع العمل الإنساني من خلال تطبيق مشاريع إعادة الإعمار المبكرة متضمنة المرافق العامة كالمياه والكهرباء والتعليم والصحة والإسكان.
وأضاف يفيموف: أمامنا فرصة ينبغي عدم إضاعتها ومن الضروري الآن التفكير بكيفية تحقيق مبادئ القرار 2585 بما في ذلك العمل في سياق الجهود الجماعية للمساعدة في عملية عودة السوريين إلى مناطقهم الأصلية وتأمينهم بكل ما يلزم.
وبين السفير الروسي أن الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية واحدة من العقبات الرئيسية أمام العودة الكاملة للبلاد إلى الحياة الطبيعية.
وفي كلمة له أكد المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة وللشؤون الإنسانية في سورية عمران رضا أهمية تضافر الجهود لتأمين احتياجات المهجرين العائدين إلى بلادهم وضرورة زيادة الانخراط في المجال الإنساني تجاه الفئات الأكثر تضرراً ومساعدتها بأكثر الطرق فعالية، لافتاً إلى الحاجة لتمكين البيئة التي تسمح بالعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين بما يتفق مع المعايير الدولية.
بدوره أشار رئيس بعثة مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في سورية سيفانكا دارشا دانابالا إلى دور المفوضية بما يتعلق بعودة اللاجئين واهتمامها بالنازحين داخلياً واتباع نهج تعاوني يدعم سبل العيش المستدام والوصول المحسن إلى الخدمات الأساسية والبنى التحتية المدنية وإعادة بدء حياتهم مع العمل على الاحتياجات الكلية وتعزيز الكرامة الإنسانية والحماية.
من جهتها أشارت نائبة رئيس بعثة الصليب الأحمر اندريا هيث إلى أن المنظمة تنسق بشكل وثيق مع منظمة الهلال الأحمر، وتؤكد ضرورة حصول الجميع على المساعدات الأساسية ومنح المساعدات للمحتاجين بحيادية وأن تكون عودة اللاجئين طوعية وآمنة وأن يحصلوا على المساعدات الأساسية دون تحيز.
وكرمت وزارة الدفاع الروسية عدداً من الوزراء ومعاونيهم ومديري الإدارات وعدداً من الشخصيات لمساهمتهم في جهود عودة اللاجئين، كما كرمت وزارة الإدارة المحلية والبيئة بعض أعضاء الوفد الروسي.
وقالت المكرمة المهندسة سونيا عفيصة مديرة التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الإدارة المحلية والبيئة: أشعر بالامتنان لتكريمي اليوم من خلال ما كنا نقوم به من اجتماعات و تحضيرات ومتابعة لمؤتمر عودة اللاجئين السوريين، وللجهود التي كانت تقوم بها الجهات جميعها والتي تصب في مصلحة عودة اللاجئين إلى ديارهم وتأمين العودة المريحة لهم.
وفي ختام جلسة الافتتاح قدم مجموعة من الأطفال في سورية لوحات غنائية شعبية وتراثية باللغة الروسية تعبر عن حب الوطن.
حضر أعمال الاجتماع كل من وزراء الإعلام والداخلية والصحة والاقتصاد والتجارة الخارجية والكهرباء في حكومة تسيير الأعمال ومحافظا دمشق وريفها والدكتور بشار الجعفري نائب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تسيير الأعمال وعدد من رؤساء وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة في دمشق.
تصوير: طارق الحسنية