خلسة ودون أي إنذار غادرت القوات الأمريكية قاعدة باغرام بشكل سري لتنهي وجودها العسكري الذي استمر على مدى عقدين تقريباً من الزمن وتسبب بنشر الفوضى والدمار في أنحاء أفغانستان وأدخل البلاد في دوامة عنف وإرهاب من صنيعة واشنطن نفسها.
وفي تقرير لوكالة «سانا» قالت فيه أن مسؤولون عسكريون أفغان أعلنوا في تصريحات تداولتها وسائل إعلام اليوم أن القوات الأمريكية في قاعدة باغرام قطعت التيار الكهربائي خلال الليل وغادرت خلسة دون إخطار القائد الأفغاني الجديد للقاعدة «أسد الله كوهستاني» الذي اكتشف رحيل الأمريكيين بعد أكثر من ساعتين من مغادرتهم الأمر الذي أثار امتعاض الجيش الأفغاني ولا سيما بعد دخوله القاعدة ليجد أن مجموعة من اللصوص اقتحمتها ونهبت مخلفات الجيش الأمريكي المتروكة في خيم التخزين الضخمة.
انسحاب القوات الأمريكية من باغرام التي تعتبر رمزاً رئيسياً للاستعمار الأمريكي وجرائم الحرب التي ارتكبتها الولايات المتحدة في أفغانستان من عام 2001 هو وفق الكاتب الأمريكي «بيل فان اوكين» دليل واضح على الكارثة التي تسببت بها واشنطن في هذا البلد عبر 20 عاما من الاحتلال.
أوكين أشار في سياق مقال نشره موقع وورلد سوشاليست الأمريكي إلى أن المقاتلات والطائرات الأمريكية نفذت انطلاقاً من قاعدة باغرام مئات الغارات الجوية التي خلفت آلاف الضحايا المدنيين وشنت منها القوات الخاصة الأمريكية عمليات عسكرية ومداهمات قتلت خلالها عائلات أفغانية بأكملها بحجة القضاء على الإرهاب.
أوكين بين أن قاعدة باغرام تحولت في ظل الاحتلال الأمريكي لأفغانستان إلى معتقل كبير احتجز فيها آلاف الأشخاص المشتبهين بعلاقتهم بحركة طالبان وجرت فيه عمليات تعذيب وانتهاكات لا توصف بما فيها الضرب والتنكيل والاعتداءات الجنسية والتعذيب حتى الموت.
وأشار أوكين إلى أن عدد ضحايا الحرب الأمريكية على أفغانستان يقدر بنحو 175 ألف قتيل من المدنيين دون أن يعرف العدد الحقيقي للأفغان الذين قضوا نتيجة الدمار والتشرد وأعمال العنف التي انتشرت بسبب الغزو الأمريكي لبلدهم لافتاً إلى أن البيانات الرسمية تشير إلى أن 4 آلاف أفغاني قتلوا جراء الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها خلال الأعوام الخمسة الماضية.
انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان لا يعني أن واشنطن ستتوقف عن التدخل في شؤون دول آسيا الوسطى فقد أشارت تقارير كثيرة إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» ووكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» بدأتا البحث عن بدائل للوجود العسكري الأمريكي الصريح عبر إنشاء قواعد عسكرية جديدة في دول مجاورة.
كما أن الانسحاب الأمريكي يقتصر فقط على الجنود الذين يقدر عددهم ب 3300 لكنه لا يشمل المتعاقدين مع البنتاغون أو عملاء الاستخبارات الأمريكية وغيرهم من المرتزقة العاملين لصالح واشنطن والمضطلعين بدور نشر الخراب والفوضى وتحقيق أهداف واشنطن الاستعمارية ليستكملوا بذلك الميراث الأمريكي الأسود في أفغانستان.