السكن المستقل اعتماد على الذات وتحمّل للمصاعب

مع اتجاه الشباب نحو بناء المستقبل، سواء بالدراسة أو العمل يبدأ استقلالهم بفتح طرق واتجاهات مختلفة وجديدة في حياتهم، وربما أكثر مسؤولية وصعوبة، فقد يلجأ الكثير منهم إلى خوض تجربة السكن الفردي رغم رفض الأسر لها، فتلك التجربة تجنبهم الوقوع في توترات معيشية مع أهلهم، كما يتعلمون منها الكثير من الخبرات الحياتية، مثل التعويل على النفس وتحمل مسؤوليات الحياة المستقلة، ولا تقتصر تجربة السكن الفردي على الشبان فقط، فحتى الفتيات أصبحن يعشن تلك التجربة ويتحملن نظرة المجتمع الرافضة لها وقد استطعن التغلب على الوحدة والعيش بمفردهن.
رهام (معلمة) تعيش بمفردها، بعد أن اضطرت لترك أهلها لحصولها على وظيفة في محافظة أخرى، تبين أنها تعوّدت على العيش بمفردها رغم قلق عائلتها عليها خلال الأعوام الأولى، وأضافت: إنها بحكم عملها فضلت أن تسكن بمفردها، فقد كانت برفقة صديقة لها تزوجت بعد أن سكنت معها لمدة لم تتجاوز العام.
وتحدثت رهام عن تجربتها الخاصة، مشيرة إلى أنها تتحمل مسؤوليتها بمفردها، فهي تعمل وتنفق على نفسها، وتهتم بالبيت كما لو كان ملكها، ولا تشعر أبداً بأنها وحيدة فلديها رفيقات يزرنها وتزورهن، وكذلك جيرانها طيبون يتقاسمون معها الأفراح والأحزان.
أما هدى فقد اضطرت لترك أهلها في محافظة أخرى والقدوم إلى المدينة للدراسة والسكن في المدينة الجامعية، تقول عن تجربتها إنها علمتها الكثير، فالاعتماد على النفس هو إحدى الإيجابيات التي تعلمتها بعد أن كانت تتكل على والدتها في كل شيء.
د. سمر علي – علم اجتماع جامعة دمشق ترى من وجهة نظرها أن السفر أو البعد عن الأهل أمراً لابد منه، وهنا يجب على الشباب والشابات السكن والإقامة بشكل منفرد، وما يترتب عليه في الاعتماد التام على الذات، من حيث المأكل والواجبات الروتينية التي اعتاد على أن تقدم له من دون عناء أو تعب فيعود الشاب أو الفتاة إلى مسكنه الجامعي مثقلاً بالمحاضرات، جائعاً تعباً ليفكر بأمور طعامه وراحته، وفي الماضي لم تكن تلك الأمور تشغل باله إضافة إلى العديد من تحديات السكن المستقل المالية والمادية، ومستلزمات العيش التي قد تدفعه للبحث عن عمل مناسب يساعده في حياته المختلفة.
وتضيف د. علي: بالرغم من الصعوبة والتحدي فقد يضطر الشاب لاكتساب المزيد من المرونة والقدرة على تحمل المسؤولية والاعتماد على الذات، وحل المشكلات بطريقة إيجابية تلبي متطلبات حياته، وتخدمه في الوصول إلى أفضل الأهداف المستقبلية، ولاسيما الفتيات اللواتي تتغير شخصياتهن، ويصبحن أكثر قدرة على مواجهة الحياة وتحدياتها، وتصبح النظرة أكثر واقعية وعمقاً، ويتم اكتساب الخبرة والمهارات في التواصل مع المجتمع، فلا يعود الشاب مدللاً اتكالياً، بل يصبح واثقاً بنفسه فاعلاً في مجتمعه، قادراً على تحمل المسؤوليات التي تلقيها الحياة تباعاً على كاهله.
بدوره مضر العجي – مدير مدينة باسل الأسد الجامعية بدمشق أوضح من خلال تجربته مع طلاب وطالبات اضطروا للسكن بمفردهم، والبعد عن أهاليهم أن السكن بعيداً عن الأهل يكسب الأبناء تجارب في الحياة، وتصبح لديهم دراية ومعرفة وخبرة في التعامل مع عدة أمور، تجعلهم قادرين على التصرف بشكل أفضل، ويبقى اختيار السكن الجامعي أمراً نسبياً للغاية، فسلبيات ذلك قد تعدّ إيجابيات عند البعض، ولذلك فإن الخيار المناسب للإقامة أمر يرجع لطبيعة الفرد وقابليته للتعايش مع الآخرين والانخراط معهم بشكل يومي في الكثير من الأمور.
وبيّن العجي أن معظم الشباب يدرسون ويعملون في وقت واحد، فصعوبات الحياة باتت واضحة أمامهم وجميعهم يدركون ما عليهم فعله ليكونوا قادرين على تحمل أعباء الحياة ومصاريفهم الدراسية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار