الهوس بالمظهر الخارجي عدوى تنتقل من الكبار للصغار
أصبح الاهتمام بالمظهر الخارجي واللياقة البدنية من المواضيع التي تحيط بالأبناء الصغار وتعكسها مواقف الكبار في البيت والشارع والمدرسة، فالصغار باتوا يحملون وجهات نظر سلبية في بعض الأحيان حول هيئاتهم وأجسادهم حتى في سن مبكرة للغاية، ويرغبون في الحصول على مظهر جميل تماشياً مع الثقافة العامة للمجتمعات.
وساهم الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي في شعور الأطفال بالقلق إزاء مظهرهم الخارجي، والصورة التي يكونونها عن أنفسهم.
وأكد العديد من الآباء الذين تحدثت إليهم (تشرين) أن أبناءهم الصغار أصبحوا يعترضون عما يشترونه لهم، وباتوا أكثر انتقائية ورغبة في اختيار ملابسهم، والظهور بمظهر قد لا يروق لآبائهم في أغلب الأحيان أو قد يرهقهم مادياً.
وبينت السيدة فاطمة أم لأربعة أبناء أن هناك فرقاً كبيراً بين الجيل الذي عاشت فيه، وما هو سائد اليوم في صفوف الأطفال والمراهقين، ففي السابق لم نكن نعترض أبداً عمّا يختاره لنا أباؤنا من ملابس، وكنا أكثر قناعة وتقبلاً واحتراماً لوجهات نظرهم وننصاع لأوامرهم .
وأضافت لم نكن أبداً مهووسين بالمظهر الخارجي مثلما هو سائد في جيل اليوم، ومن بينهم أبنائي الذين يختارون لباسهم بمفردهم، وتماشياً مع الموضة لأنهم يعتقدون أنها أساس الثقة بالنفس، ومن المؤكد أنهم يسايرون ثقافة المجتمعات العصرية التي أولت أهمية كبيرة للمظهر الخارجي.
وأشارت يعجبني أن يتحمل أبنائي المسؤولية في اختيارهم لملابسهم، تماشياً مع المعايير الجمالية التي فرضها الواقع الحالي، كما أنني أؤمن بأن جوهر الإنسان أهم من مظهره الخارجي، ولا تروق لي الكثير من الملابس وتصميمات الموضة التي تنحدر أحيانا بالذوق العام للصغار والكبار بشكل عام.
الأخصائية النفسية صبا حميشة بينت أن قلة الوعي نسبياً بين الآباء والأمهات بالمشكلات المتعلقة بالصورة الذهنية للجسم، وانعدام ثقافة حديث الأطفال عن شواغلهم، يولدان بيئة صعبة لطالبي الدعم.
أضافت : يجب علينا الاعتراف بأن للدعاية ووسائل الإعلام دوراً في الصورة التي يكونها الصغار، عن أنفسهم سواء بالإيجاب أو السلب، فالهوس بالمظهر الخارجي والشكل عنوان لثقافة اجتماعية جديدة، بدأت تغزو مجتمعاتنا اليوم، وبينت الأخصائية النفسية بأن الاهتمام بالمظهر ليست عيباً، وإنما الهوس المبالغ فيه تعبير إدراكي عن عدوى فكرية تسللت إلى الناس، وخاصة الشباب في عمر المراهقة.
ونبّهت حميشة الأمهات إلى عدم إبداء أي تعليقات سيئة عن شكل أجساد بناتهن الصغيرات، حتى لا يوصلن إليهن رسائل سلبية، يمكن أن تكون سبباً في جعلهن يشعرن بالسوء والكآبة حيال ذواتهن ، مقترحة أن تكون الأسرة نموذجاً يحتذى من الأبناء في النظرة الإيجابية للجسد، والسلوكيات الصحية التي تتبعها في الحياة اليومية.
وشددت على أهمية عدم التدخل المستمر في خيارات الأبناء بمناسبة وبغير مناسبة، وحرمانه من ممارسة حقه في اختيار الألعاب والكتب والملابس التي يريدها، لأن ذلك من شأنه أن يخلق لديه مشكلات، ومنها الخجل وضعف الثقة بالنفس، وترك الخيار للأطفال في بعض الأحيان لاقتناء ما يريدونه من ملابس لأن ذلك يعكس رؤيتهم الشخصية لذواتهم، كما أنه يعد خير وسيلة لتكوين تعابير جمالية وذوقية تنمي لديهم قدرات وصفات شخصية أفضل من أقرانهم، الذين يتربون في بيئات تفرض عليهم خياراتها في كل شيء.
كما أكدت على ضرورة أن يحصل الأطفال على دروس في احترام الذات، وتقدير المظهر منذ الطفولة، لأنّ عدم الرضا عن المظهر يعد أحد أهم أسباب المضايقات التي قد يتعرضون لها في المدرسة، وفي المجتمع لاحقاً والتي تفقدهم الثقة في النفس.