«حويجة صكر».. قريبة من عين المؤسسات بعيدة عن قلب الخدمات

يخدشُ واقع منطقة «حويجة صكر» الآن ذاكرة أهالي دير الزور القديمة عنها، فقد كانت المنطقة متنفساً للأهالي بطبيعتها الريفية الجميلة، وتبدو اليوم متروكة، وقُربها من عين المؤسسات الخدميّة بالمحافظة، لا يعني أنها في قلب حراكها للإعمار ولو في الخدمات الأساسيّة لتكون معاناة من عاد من أهلها بلا حلٍ كما بدت الحال في جولة لـ«تشرين» هناك، فقد ترك الإرهاب آثاره هناك بدمار المنازل والمرافق العامة وحوّلها إلى ما يشبه مكان أشباح، ورغم مرور سنوات ثلاث على التحرير من الإرهاب ، «الحويجة» لا تزال على حالها باستثناء حديقة تمتد على مساحة كبيرة ومصممة بشكل جميل زُرعت بأنواع الأشجار والغراس والأعشاب الطبيعيّة نفذها الأصدقاء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وزودوها بالألعاب والمراجيح ومختلف ما يُحبه الأطفال، فحملت الحديقة اسم (حديقة وملاهي الأصدقاء).
لا كهرباء نظاميّة
قُبيل دخول الإرهاب دير الزور كانت «حويجة صكر» تضج بالحياة، فالكورنيش الممتد على شاطئ الفرات فيها لا تغيب عنه حركة مرتاديه لساعاتٍ متأخرة من الليل وبالخصوص صيفاً حيث أمكنة الترفيه والاستراحات والأكشاك التي تُلبي حاجة من يقصد المكان كموقع اصطياف في المحافظة من مأكولات ومشروبات وما شاكل.
كانت «حويجة صكر» تضم 14 محولة تؤمن التغذية بالتيار الكهربائي لتغطي حاجة أهلها كما يقول علي إسحاق ملا زيد – أحد السكان – لـ«تشرين» غير أن التنظيمات الإرهابية التي تعاقبت في السيطرة عليها، عملت على نهب وتخريب البنى التحتية فيها كما الأملاك الخاصة، فسرقت المحولات وأسلاك الكهرباء بالكامل ونقلتها لأماكن سيطرتهم.
إسحاق يُشير إلى أن لا محولات للتيار الكهربائي لتخديم من عاد من السكان الذين تصل أعدادهم إلى 110 عوائل، التغذية تتم فقط عند الحديقة، في حين ما يفصل التجمع السكاني هناك بالمسافة عن أقرب محولة كهربائية في حي «هرابش» المجاور هو 100 متر فقط، ليتم الاعتماد على أمبيرات لا تفي الغرض.
لمياه الشرب معاناتها
أما وضع مياه الشرب فحدّث ولا حرج، إذ أنت أمام خيارين للحصول عليها، فإما أن تقصد النهر وهو الأمر الغالب لدى من لا يمتلك وسيلة النقل لجلب مياه صافية نقيّة كما يؤكد عبود الحميد، أو أن تستقل آلية نقلك الخاصة حيث محطة العثمانية المجاورة بالمدينة.
معاناة كبيرة حسب حديث الحميد لـ«تشرين» فمياه النهر لها رائحة كريهة، زادها انحسار المياه خطورة، وإذا سلمنا باستخدام المياه لغرض الغسيل للجسم والثياب، فإن تناولها للشرب من دون تصفية كحال مياه المحطات التي أعيد تأهيلها، فللأمر مخاطر على الصحة، ولابد من تأهيل المحطة التي تُغذي الحويجة وهي تحتاج إلى مضخات وصيانة مراقد التصفيّة، علماً أن مبناها غير متضرر وشبكة المياه في عموم المنطقة صالحة للاستخدام، وأضرارها لمسافات لا تُذكر.
تلاميذها يسألون؟
تضم حويجة صكر مدرسة واحدة للتعليم الأساسي بحلقتيه الأولى والثانية، المدرسة اتخذها الإرهابيون مقراً لهم أيام سيطرة تنظيم «داعش» ما أدى إلى دمارها وتحول صفوف التلاميذ وغرف الكادر التعليمي إلى ركام، وحدها شاخصة بصمود عارضة كرة السلة وسط الباحة، حيث كان تلاميذ المدرسة يلعبون في درس الرياضة، وغرفتان مُسبقتا الصنع وضعتا ولكن من دون استخدام.
يقول المواطن إبراهيم الحميدة: التعليم قضية لا تفريط أو تهاون بها، لذا فور عودتنا لمساكننا حرصنا على التحاق أبنائنا بمدارسهم، وباعتبار المدرسة مدمرة بالكامل اضطروا للالتحاق بمدرسة الإسكان الكائنة في حي هرابش، كانوا يذهبون إليها مشياً على الأقدام ثم جرى تأمين باص للنقل بأجرة 200 ليرة للطالب، إذ ينقل الباص التلاميذ إلى حي الجورة في قلب المدينة مُلتفاً إلى موقع المدرسة في الحي المذكور.
الزراعة عادت
مجرد أن تدخل الحويجة تُلاحظ أن الخضرة عادت إليها مع اتساع حركة الزراعة فيها، أغلب أراضيها الزراعية باتت مُستثمرة ويعمل أهلها على التوسع فيها، لا تزال بيادر القمح تنتظر (درّاسها) بعد أن جمعها الفلاحون بانتظار الحصّادات.
رئيس وحدة حطلة الإرشادية ياسر الأحمد بيّن أن محصول القمح هو الغالب هذا الموسم وإنتاجه بين الجيد والمتوسط في المنطقة، لافتاً أن المساحة المزروعة به تُناهز 2000 دونم وأكثر بنسبة 85 % من أرض الحويجة وبقية الأراضي زُرعت بالمحاصيل الصيفية كالقطن والخضار والسمسم، بشكل عام الوضع الزراعي مُرض، ومنغصاته كحال ما تُعانيه الزراعة في دير الزور عموماً، بل في مختلف المحافظات وتتمثل بقلة كميات الأسمدة، ناهيك بوقود الري.
ردود معنيّة

«تشرين» وفي معرض التعرف على مواقف المعنيين بشأن شكوى الأهالي من غياب الخدمات الأساسية تواصلت مع المعنيين بهذا الشأن، فقد أكد مدير عام مؤسسة مياه دير الزور ربيع العلي أن وضع محطة مياه حويجة صكر في الحسبان، وعملنا يجري وفق برنامج يلحظ الإمكانات لتنفيذ أي مشروع أو تأهيل ما دمره الإرهاب، المحطة جاهزة للإقلاع مع مجيء مجموعة التوليد من دمشق، والجهوزية تامة ميكانيكياً وكهربائياً والأمر يتوقف على المجموعة المذكورة وخلال أيام مع مجيئها نستطيع أن نُقلع بعملية الضخ لمياه الشرب، بينما أوضح مدير عام شركة الكهرباء المهندس خالد لطفي أن ما يحول دون تزويد الحويجة بالمحولات ومستلزمات التيار الكهربائي هو عدم توفرها، مبيناً أن لا إمكانية لذلك بالمطلق حالياً، وأن المحولة الموضوعة عند الحديقة تعود لمجلس مدينة دير الزور، والأمر يتوقف على توفر هذه المعدات، وفي حال توفرها سيكون بالإمكان التغذية هناك.
أخيراً
تتبع حويجة صكر تنظيمياً وإدارياً لمنطقة حطلة، حيث إن ملكيات الأراضي هناك بنسبة 85% منها تعود لهم بأوراق ومستندات المصالح العقارية، ونتيجة أوضاع الخدمات فيها فإن الأهالي ينتظرون تحسنها لعودة من بقي منهم، لأن وضعها الحالي جعلهم موزعين يعملون فيها نهاراً ويقصدون حطلة في منازلهم الأخرى ليناموا ويقضوا بقية مشاغلهم، هذا وكانت أعداد القاطنين فيها قُبيل الحرب على سورية تصل إلى 450 عائلة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار