«حتى الكمون استحى» ..!

مسلسل الوعود بشأن مكب البصة ما زال مستمراً، وأعتقد أنه يضاهي مسلسل باب الحارة بطول حلقاته، فمنذ أكثر من عشر سنوات والوعود تتوالى ونسمع الديباجة ذاتها من الجهات المسؤولة: « مع نهاية هذا العام أو مع بداية العام القادم أو خلال ستة أشهر سيتم إغلاق مكب البصة والانتقال إلى مكب قاسية الجديد..»، وما زلنا «ع الوعد يا كمون»، لا بل الكمون استحى من كثرة الوعود.
فالزائر لمدينة اللاذقية «السياحية» يفاجأ قبل دخوله المدينة بعدة كيلومترات بالروائح الكريهة والمزعجة وسحب الدخان التي تستقبله، ومصدرها مكب البصة الواقع مباشرة على شاطئ البحر في أجمل بقعة من بقاع الساحل السوري، وكان من المفترض إغلاقه منذ أكثر من عشر سنوات, مكب البصة بواقعه الحالي يشكل كارثة بيئية حقيقية لمحافظة اللاذقية، فتراكم القمامة بالشكل العشوائي أشبه بالجبال من القمامة يؤدي إلى انتشار الحرائق بشكل مستمر نتيجة انطلاق غازات قابلة للاشتعال تلقائياً، ما ينتج عنها سحب من الدخان تنتشر على مساحات واسعة محملة بروائح تستدعي التقيؤ أحياناً، كما بات المكب بؤرة لانتشار أنواع كثيرة وغريبة من الحشرات والقوارض أيضاً، وهذا في حد ذاته له انعكاسات سلبية كبيرة على حياة الناس المحيطين بالمكب لما يخلفه من أمراض مختلفة، وأيضاً كانت لذلك آثار مدمرة على الأراضي والمحاصيل الزراعية، فالمنطقة التي يوجد فيها المكب والأراضي المحيطة تعد خزاناً للخضر الباكورية، كما لا ننسى الآثار الكارثية التي تخلفها على المياه الجوفية إضافة للآثار المدمرة والملوثة للواقع السياحي في تلك المنطقة التي كانت تمتلك ميزات فريدة لا تملكها مناطق أخرى مثل الغابات الخضراء، وكذلك طول الشط الرملي الذي يصل إلى مئات الأمتار في العمق، وبدل استثمار هذه المساحات الواسعة في مشاريع سياحية ترفيهية تجلب للبلد أموالاً طائلة وتشغل كماً كبيراً من العاطلين عن العمل، نرى التفكير القاصر والمشوه في عملية الاستثمار في دفن القمامة بتلك الرمال التي لا تقدر بثمن لتنعم وتستمتع أكوام القمامة بمنظر البحر.
فإلى متى سيستمر مسلسل الوعود للانتقال إلى المكب الجديد الله أعلم..؟ ومسلسل الوعود هذا ليس الوحيد فهناك أيضاً رفيقه المسلسل الأطول من الوعود لإنجاز محطة المعالجة للصرف الصحي في اللاذقية والتي تحتاج إلى مجلدات للكتابة عنها…!!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار