في الدراما، تحولنا من البساطة والنصّ الجيد المنسوج من حوارات وأحداث تجعلنا بشكل أو آخر جزءاً من الحبكة وليس مجرد متفرجين سلبيين، إلى البذخ والرفاهية و«اللوكيشنات» الفارهة، والأزياء التي لا تشبه زمانها، وعمليات الماكياج الهوليوودية كأن الممثلين قادمون من كوكب «المتحوّلون/Transformers»، مع موسيقا خيالية لمجرد إضافة مؤثرات صوتية من دون مراعاة التناسب مع بيئة العمل أو عاطفية اللحظة أو معنى الحوار الدائر.
في الحياة، تحوّلنا من السهرات الحميمة والصادقة والبسيطة التي تقام بما يستطيع كلُّ واحد من الأصدقاء أن يشاركَ به، إلى شكلٍ جديدٍ من التقنّع برفاهية مخادعة أو بالتقنّع خلف حجاب «الفيسبوك» والصور الزائفة في نوع من مباعدة نفسية للذات، كأننا بتنا في حربٍ حتى مع ذواتنا، بل ربما لأننا – حقيقةً وواقعاً – في حربٍ مع ذواتنا وغير راضين عمّا فينا صرنا ننسحب نحو «مَكْيجةٍ» لكل شيء ولو بأرخص أنواع الماكياج الافتراضي: حسابٌ على «الفيسبوك»!
في الأغاني، تحوّلنا من الأغنية المشغولة بنكهة الشِّعر، سواء المحكيّ أو الفصحى أو المقتبس من أمّهات القصائد والموشحات الأندلسية.. إلى أغانٍ تعتمدُ في قوامها على الإبهار وكثافة الأضواء وبهرجات الإكسسوارات ووجود «فتيات الفيديو كليب المغناجات الدلوعات » حتى لو لم يكن هناك أي حاجة درامية أو ضرورة جمالية لوجودهنّ، كأنّ المخرجين باتوا يخشون أنَّ عدمَ وجود تلك «الكماليات التزيينية» (كدتُ أقول: التزييفيّة!) سيجعل الأغنية أقلَّ من أنْ تُشاهَد ويُستمع إليها، وفي واقع الحال هم محقّون في خوفهم لأنهم يعلمون أساساً أنهم بنوا كل شيء على رمال الموضة المتحركة التي نغرق فيها جميعاً فيما الزمنُ الدهريُّ يسخر منّا ذرّةً ذرّة!