أظهرت جائحة كورونا الصورة الهشّة لمبدأ “التضامن” الأوروبي المزعوم، كما أظهرت مدى الأنانية الأوروبية في التعاطي مع الوباء من خلال سعي كل دولة على حدة إلى احتكار الدواء والعلاج والتسابق لنسب سبق الاختراع لها، وإخضاع ذلك للمساومات، الأمر الذي أظهر الانقسامات الأوروبية والأمريكية أيضاً التي على ما يبدو كانت خامدة تحت الرماد.
وسائل إعلام أوروبية قالت: إن الدول الأوروبية منقسمة بشأن المقترح الأمريكي برفع “براءات الاختراع” عن لقاحات كورونا، في وقت اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الولايات المتحدة وبريطانيا بعرقلة تصدير اللقاحات.
ودعا ماكرون واشنطن ولندن إلى الكف عن “عرقلة” تصدير اللقاحات ضد “كوفيد19” والمكونات الضرورية لإنتاجها، الأمر الذي يتيح تعزيز “التضامن” العالمي على صعيد التلقيح.
وفي السياق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين: أوروبا مستعدة لمناقشة أي اقتراح يعالج الأزمة بشكل فعال وعملي.
بدوره، رحب وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو بالاقتراح الأمريكي، معتبراً أنه يمثل “إشارة مهمة جداً” وأن العالم يحتاج إلى حرية الوصول إلى اللقاح.
من جهتها، حذّرت ألمانيا من أن حماية الملكية الفكرية هي مصدر الابتكار ويجب أن تبقى كذلك في المستقبل، قائلة: ما يحد من تصنيع اللقاحات هو الطاقات الإنتاجية ومتطلبات الجودة العالية وليس “براءات الاختراع”.
وأكدت المختبرات الألمانية “بايونتيك” أن ذلك لن يكون له تأثير على الأمد القصير والمتوسط، لأن حماية “براءات الاختراع” ليست العامل الذي يحد من إنتاج وتوريد لقاحها المطور مع شركة “فايزر” الأمريكية التي قال رئيسها ألبرت بورلا: إنه لا يؤيد إطلاقاً رفع “براءات الاختراع”.
أما بالنسبة للحكومة الإسبانية، فقد أعلنت أن الرفع وحده لن يكون كافياً لضمان حصول البلدان النامية على اللقاحات، مشيرة إلى أن الأمر قد يستغرق وقتاً للموافقة عليه، في وقت دعت مدريد المختبرات إلى تسريع نقل التراخيص الطوعية.
من جهة أخرى، أكدت فرنسا تأييدها لهذه الفكرة، لكن ماكرون شدّد على أن رفع “براءات الاختراع” لن يكفي لوصول اللقاح إلى الجميع، بل يجب أن تحتل تبرعات الدول الغنية الأولوية وخاصة في ظل عدم امتلاك الدول الأفقر التكنولوجيا والإمكانيات اللازمة لتصنيع اللقاح.
وتعقد اليوم السبت القمة الأوروبية في مدينة بورتو البرتغالية، حيث يتوقع إصدار موقف أوروبي نهائي واضح بشأن المقترح الأمريكي برفع “براءات الاختراع”.