تركيا وحرب الناقلات والمضائق البحرية..!
هل تعود حرب المضائق المائية أو حرب الناقلات؟، ولا سيما في تلك المضائق التي قد تمثل أهمية استراتيجية عالمية تتجاوز معها الحدود الجغرافية لدولها المحيطة، وعملياً تشير أغلب الدراسات الاقتصادية الآلية على أن تركيا وتحديداً (نظام أردوغان) سيبدأ من سنة /2021/ بشق قناة مائية في الجانب الأوروبي من تركيا وبتكلفة مقدارها /25/ مليار دولار، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من تنفيذها سنة /2027/، وتجدر الإشارة إلى أنه كان قد تم الإعلان عن هذه القناة في سنة /2011/، وتمتد من غرب تركيا لتربط البحر الأسود في الشمال ببحر مرمرة في الجنوب وعلى موازاة مضيق البوسفور الذي يعد أيضاً أحد أهم ممرات التجارة البحرية العالمية، ويبلغ طول هذه القناة /45/ كيلو متراً وبعمق /35/ متراً وعرضها بشكل وسطي /400/ متر ولكن يصل في بعض المناطق لحدود كيلو متر واحد، وبدأ الدعم الغربي لحلف (ناتو) واضحاً منذ تاريخ الإعلان عن بدء تنفيذها وخاصة الدعم الأمريكي، ولهذا الدعم عدد من الأسباب، ومن أهمها أن هذه القناة تحرر تركيا من قيود اتفاقية مونتروسن /1936/، وقد تم توقيع هذه الاتفاقية في سويسرا من قبل (الاتحاد السوفييتي وتركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا واليابان وأستراليا) وتتضمن /29/ بنداً و/4/ ملحقات وبروتوكولاً واحداً وإلغاء هذه الاتفاقية يخدم (ناتو) لأنها تضمنت ضرورة تحديد حمولة السفن العابرة للبحر الأسود، ومدة بقائها فيه بالنسبة للدول غير المتشاطئة المطلة على البحر الأسود، كما تضمنت قواعد تجارية بحرية صارمة عبر البوسفور والدردنيل المؤدي إلى البحر الأبيض المتوسط ولكل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء حلف شمال الأطلسي ووجوب تقديم السفن الحربية الأجنبية إشعاراً مسبقاً قبل المرور وتسمح لها بالبقاء في البحر الأسود مدة 21 يوماً فقط وهذا لمصلحة روسيا، ومن هنا كان الموقف الروسي واضحاً من هذه القناة، وتجسد في دعوة الرئيس الروسي ( فلاديمير بوتين) لرئيس النظام التركي إلى ضرورة الحفاظ على تنظيم حركة الملاحة البحرية عبر مضيقي البحر الأسود و البوسفور والدردنيل، وشدد الجانب الروسي على ضرورة المحافظة على اتفاقية مونترو لضمان الاستقرار والأمن الإقليميين، وشق هذه القناة يعني تهديداً أمنياً مباشراً و كبيراً ضد الأسطول الروسي في البحر الأسود، لأن السفن الروسية لا يُمكنها التحرك نحو البحر الأبيض المتوسط إلا من خلال مضيق البوسفور والدردنيل، ويتوقع الروس أن شق هذه القناة سيستخدم لتأليب أوكرانيا ضد روسيا وخاصة بعد زيادة الخلافات حول جزيرة القرم الروسية، ولذلك تسعى دول (ناتو_ NATO) لتنفيذ هذه القناة والتي بموجبها يتم تقييد الحركة البحرية الروسية التي تتطور من يوم لآخر، حتى أنها أصبحت الهم الأساسي للدول الغربية، وقد ترك هذا الموضوع أثره على الداخل التركي، وكمثال على ذلك قام الضباط الأتراك المتقاعدون بتقديم عريضة ضد هذه القناة التي يمكن أن تعيد أجواء الحرب بين روسيا وتركيا، وتجسد موقف هؤلاء الضباط في البيان الذي وقعه /103/ ضباط متقاعدين من القوات البحرية التركية، وحذروا فيه من المساس باتفاقية مونترو الدولية من خلال تنفيذ هذه القناة، ومن جهة أخرى يلقى شق القناة معارضة من قبل الأحزاب التركية لأن القناة ستحول مدينة (اسطنبول) إلى جزيرة مغلقة ولها تأثيرات سلبية على البيئة ولا سيما من ناحية زيادة نسبة الملوحة في البحر الأسود وتلوث الجو بسبب قطع الأشجار …إلخ، والسؤال: هل ستلعب تركيا في هذه الورقة كما لعبت بورقة البحر الأبيض المتوسط وكادت أن تقود العالم إلى حرب معروفة بدايتها لكن من الصعوبة توقع نتائجها ونهايتها، وحجة حزب العدالة والتنمية الأردوغاني هو تحقيق المصالح الاقتصادية التركية، ولكن الجميع يعرف أن هذا غير صحيح والغاية هي تنفيذ الإملاءات الأمريكية والأوروبية ضد روسيا، أم إن وراء الأكمة ما وراءها ؟!..