يطفو على مسار السياسة العالمية الكثير من القضايا الشائكة أهمها ملف المناخ، المرتبط بملفات أخرى حساسة اقتصادية وسياسية واجتماعية.
فبالتزامن مع انعقاد القمة العالمية للمناخ وبمشاركة ٤٠ دولة حول العالم، اتضحت الوعود الأميركية بتأكيد التزاماتها تجاه ذلك.
وتعتبر أميركا من أكبر منتجي ومستهلكي الوقود الأحفوري في العالم، فلا يوجد خطة عالمية حقيقية للتصدي لأخطار الاحتباس الحراري، وذلك لتحديد اهتمام ومصالح الرأسمالية العالمية بعاملين كالمصالح الربحية للشركات العملاقة والأثرياء، والمصالح الإستراتيجية للدول المتنافسة.
وكلتا الخاصيتين الأساسيتين للرأسمالية العالمية تمنع حدثاً عالمياً من أن يكون له أي أهمية حقيقية، فلا يتعدى تأكيد واشنطن لالتزاماتها، إلا في سعيها لضمان تفوقها، ونفوذها السياسي والاقتصادي، والعودة لترسيخ موقعها الدولي.
وبينما حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من مخاطر زيادة درجة حرارة الكوكب، من حيث الحرائق والفيضانات والجفاف والأعاصير التي تمزق المجتمعات، فإنه ردد أقوال جميع رؤساء الولايات المتحدة السابقين بالإصرار على الاعتماد على ما سماه “القطاع الخاص” أي الطبقة الرأسمالية.
وكان حجر الزاوية في خطاب بايدن هو تعهده الذي واجه انتقادات واسعة عندما تحدث عن ضرورة خفض إنبعاثات الغازات الدفينة في أميركا بنسبة ٥٠ % بحلول عام ٢٠٣٠ وهو المستوى الذي اعتبره علماء المناخ غير كاف، لاسيما بالنظر للدور الضخم الذي تلعبه الولايات المتحدة كأكبر ملوث في العالم خلال نصف القرن الماضي.
ويكفي القول إن أي خطة تقوم على التعاون التطوعي لشركات النفط والكيماويات العملاقة، ومصارف وول ستريت، محكوم عليها بالفشل منذ البداية، فالإجراءات النصفية التي اقترحها بايدن متعثرة بسبب المعارضة السياسية المحلية.
ومن خلال جملة المقارنات والأعمال المرتبطة بتوجيهات السياسة الخارجية الأميركية، تتوضح عبثية التظاهر بالتأثير الكبير لهذه القمة، وبالرغم من اتخاذ إدارة بايدن توجهاً براغماتياً في إدارة العلاقة مع الصين وروسيا على وجه الخصوص فيما يخص المناخ، تظهر نيات واشنطن بضرورة الضغط على الصين “لكبح” تقدمها.
وعلى الرغم من عواصف الخلاف التي يملأ غبارها الغلاف الجوي السياسي، اعترف بايدن بعدم قدرة بلاده التي تتسبب بـ١٥ % من انبعاثات الكربون على حل قضية المناخ بمفردها، لاسيما وأن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للوقود الأحفوري.
فالوعود الفارغة التي أطلقتها واشنطن، لا تغير حقيقة أن الدافع الرئيسي للسياسة الخارجية الأميركية يتركز بمحاولة زيادة الضغط العسكري والدبلوماسي ضد روسيا والصين.
وتعد مبادرة تغير المناخ بحد ذاتها عنصراً في هذا الصراع العالمي، حيث تصنف الإدارة الأميركية دولاً غيرها كملوث أساسي في العالم.
فمنطق السياسة الخارجية الأميركية لا يكف عن الاستعداد للحرب ضد روسيا أو الصين أو كليهما. وإذا تصاعدت مثل هذه النزاعات لاستخدام أسلحة نووية، ولم يكن هناك سبب للتفكير بخلاف ذلك، فإن تغير المناخ سيأخذ معنى جديد ومخيف، يهدد بانقراض البشرية.
وورلد سوشياليست سايت