سببت أزمة قناة السويس الأخيرة الكثير من التداعيات والمتاعب للاقتصاد العالمي، إلى جانب خسائره المضاعفة بعد عام مضى من إغلاقات سبّبها كوفيد19، لتظهر قناة السويس كأهم ممرات العالم البحرية، وما حدث مؤخراً خلال أزمة جنوح الباخرة “إيفرجيفن” انعكس مباشرة على توقف التجارة العالمية.
وبالنظر لأهمية قناة السويس كممر شحن رئيسي بين الشرق والغرب، وحسب تقديرات عالمية فإن حركة السفن في الاتجاه الغربي تكلف حوالي 5 مليار دولار، إضافة لمثيلاتها من الجانب الشرقي، فأدى إغلاق سفينة الحاويات العملاقة “إيفرجيفن” لأهم الممرات المائية إلى تعطيل طريق النقل الدولي، وخسائر جسيمة، وصلت لمئات مليارات الدولارات.
وبلغت الخسائر في التجارة العالمية وفقاً لتقديرات شركة التأمين الألمانية البارزة أليانز 10 مليارات دولار خلال أسبوع، ووردت نفس التقديرات في دراسة قدمتها شركة إليور هيرمس كشركة رائدة عالمياً في التأمين وإدارة الحسابات، ليمثل الانخفاض في معدل النمو السنوي للتجارة العالمية بمقدار 0.4 نقطة مئوية.
وتم إجراء بعض المقارنات مع النتائج السلبية في أوروبا وأميركا خلال ربيع 2020، مع إدخال الإغلاق الأول بسبب كوفيد19 وكانت العواقب بالنسبة لأميركا أسوأ بكثير.
فوفقاً لبيانات نشرتها مجلة (نون بوست) المصرية، فإن تقديرات الخسائر الحقيقية لشركة “لويدز لست” المتخصصة في شؤون الشحن البحري تتجاوز تقديرات شركة التأمين الألمانية إليانز، لاسيما أن الإغلاق الذي سببته سفينة “إيفرجيفن” سبب خسائر وصلت إلى 400 مليون دولار بالساعة الواحدة.
وتعد قناة السويس إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد المصري، وهي المصدر الأكثر موثوقية للدخل القومي المصري، باعتبارها تورد ما يقرب من 5 مليارات دولار سنوياً للخزانة، مقارنة بالقطاعات الأخرى التي تأثرت بسبب أزمة كوفيد19.
وحسب مصادر مصرية، فقد خسرت مصر نحو 15 مليون دولار يومياً بسبب تعثر العبور على طول القناة، وشمل المبلغ الأموال المكتسبة من مرور السفن عبر القناة، والتي لم يتم تحصيلها بسبب توقف حركة الشحن، فضلاً عن تكلفة النقل، وخدمات الشحن والتفريغ العاملة داخل المدن الممتدة على طول ممر الشحن الدولي.
إلى ذلك، بدأت الكثير من الدول البحث عن بدائل مرور دولية برية وبحرية تخفف من وطأة أزمة كهذه، لتظهر الكثير من المشاريع التي كما يبدو أنها تنتظر الفرصة للإعلان، أهمها خطط الكيان الصهيوني لتنفيذ ممر قناة بديل للسويس، إضافة لبناء أنبوب لنقل الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا بالتنسيق مع اليونان وإيطاليا، وهو ما يمثل حلماً طالما سعت واشنطن وربيبتها “إسرائيل” لتحقيقه منذ وقت طويل.
وبقدر ما يتعلق الأمر بالدول المختلفة التي عانت خسائر كبيرة بسبب إيفرجيفن، فإن الخاسرين الرئيسين هم طبعاً الدول العربية، خاصة دول الخليج العربي وشمال إفريقيا، والتي تعتمد قناة السويس كممر رئيسي لشحن البضائع والوقود.
كما تضررت الصين بشدة من أزمة السويس، وتحتل ألمانيا المرتبة الأولى بين الدول الأوروبية المتضررة حيث تمر عبرها ما يقرب 9% من إجمالي حركة السفن البحرية. فبالرغم من الارتباك الذي حصل والمشكلات الهائلة في سلاسل التوريد، تشير كل الدراسات لصعوبة تنفيذ ممرات بديلة عن السويس بنفس التكاليف، لاسيما أن القناة تختصر ما بين 25% للصين واليابان و80% لمنطقة الخليج من وقت وطول رحلات السفن بين الشرق والغرب وهنا لابد من السؤال: هل كانت حادثة “إيفرجيفن” عابرة أم مدبرة؟.
“نيو إيسترن آوت لوك”