ما عاد التلفزيون يجمعنا، وصارت المسلسلات «أون لاين» عبر المنصات الإلكترونية لنتابعها.
أنا وابنتي، والحال واحد يتقاسمه معنا أصحابنا ومعارفنا وبنات أخي وأختي وخالتي مزنة وأم وئام.
وموضة البطل الطيب ما عادت تشكل حيزاً في وجداننا، وتملأ فراغ الصف الأول من قلوبنا، وجبل شيخ الجبل خير مثال على انتكاسة أذواقنا!!.
ولا أعلم المحرك والمؤثر وراء تشكيل الذائقة الجمعية، فيما لو كانت هناك مؤامرة في ما ورائيات الكاميرا والكواليس والنصوص الأدبية مشغولاً عليها بحرفية، أم إنها مجرد حالة عبثية!.
ولو كانت كذلك من سيكون صاحب القرار بتعميم صورة الفنان برأس شبه أصلع وعضلات وكنزة شيال؟!!.. أكيد ليست أنثى تعاني اضطرابات عصبية أو هرمونية؟.
فالصورة «المثال» هي انقلاب في حد ذاتها للصور الذهنية الموروثة, وتمرد على أرشيف الذاكرة النمطية في الأفلام والمسلسلات والفيديو كليبات الحديثة، حتى مقدمو البرامج التلفزيونية باتت صورهم الجسدية تليق بأغلفة المجلات الرياضية وعناوين من قبيل حزام أسود لكل مذيع يبحث عن النجومية!.
وكأن الحال الحداثي لـ«صورة النجم» صارت محكومة بنهج غير معلوم يتلاعب بأنسنة الجينات الموروثة عامة لتقديم منتج على الرغم من غرابته مقبول وجدانياً.
والموضوع رغم بساطته وعدم تحقيقه لحضور إشكالية توازي المشكلات الخدمية والمعرفية، إلا أن السياسة العامة للعولمة هدفها الرئيس تدجين العقول وحذف «الداتا» التخصصية ثقافياً ومعرفياً بتكرار صور لا نمطية حدّ التعود والتأقلم معها ونسيان عتيق الصور الأصلية بأتمتة سلوكيات افتراضة من دون المرور بمرحلة الاستهجان واللفظ والقفز بعتبات الذائقة الجمعية لتقبل الصور المعلبة والجاهزة في مصانع معلومة المنشأ والمواصفات القياسية لشيطنة السم المعولم واستئصال الكريات البيض الدفاعية من ذائقة جمعية أصيلة لتصير أسيرة عناوين بالية بلا طعم وبلا لون يحدد الهوية.