صباغ: سورية أدانت مراراً استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وتحت أي ظروف
جدّدت سورية دعوتها الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى عدم الانجرار وراء ترويج الولايات المتحدة وفرنسا لمشروع قرار مقدم إلى مؤتمر الدول الأطراف في المنظمة والتصدي له لتجنيب المنظمة تداعيات خطيرة على مستقبل عملها، مؤكدة أن المشروع يهدف إلى إيجاد ذرائع جديدة لارتكاب أعمال عدوانية ضدها وتشجيع التنظيمات الإرهابية على القيام بمسرحيات كيميائية مفبركة خدمة للسياسات العدائية الأمريكية الغربية.
وشدّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم عبر الفيديو على أن سورية ترفض بشدة النهج العدائي والمسيس ضدها وتطالب بالكف عنه وتدعو في الوقت ذاته الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى استبداله بمقاربة موضوعية وإجراء مناقشة بناءة تسمح للمنظمة بالعمل وفقاً للطابع الفني الذي أنشئت على أساسه وتمكنها من استعادة سمعتها ومهنية عمل مفتشيها وحيادية ومصداقية تقاريرها.
وأوضح صباغ أن سورية أدانت مراراً استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وفي أي مكان وتحت أي ظروف وأكدت تكراراً على عدم استخدامها أسلحة كيميائية على الإطلاق مبيناً أنها انضمت إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2013 طوعا وأنهت تدمير مخزونات أسلحتها الكيميائية ومرافق انتاجها بالتعاون الكامل مع منظمة الحظر وأمانتها الفنية في إنجاز مثالي غير مسبوق وضمن زمن قياسي وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة كما حرصت على الوفاء بجميع التزاماتها وفقاً للاتفاقية وواصلت المشاورات مع الأمانة الفنية بشأن مسائل مختلفة وتشير التقارير الشهرية المقدمة إلى المنظمة وآخرها التقرير رقم 87 إلى جميع أنشطة التعاون الجارية بين سورية والمنظمة.
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أنه منذ انطلاق المزاعم حول حالات استخدام أسلحة كيميائية والتي بات معروفاً الدول التي تقف وراء فبركتها وإطلاقها في وسائل الإعلام والمصادر المفتوحة الأخرى بادرت سورية إلى الطلب من المدير العام للمنظمة إرسال فريق من الأمانة الفنية لتقصي الحقائق حول تلك المزاعم لكن هذا الفريق لم يلتزم خلال القيام بعمله بالوثيقة المرجعية لعمله وبالقواعد المنصوص عليها في ملحق التحقق المرفق بالاتفاقية وخرج عن المهنية والحيادية وخاصة لجهة عدم زيارة المواقع المدعى حصول حالات استخدام فيها وعدم جمعه العينات والحفاظ على سلسلة حضانتها واعتماده على (مصادر مفتوحة) وما إلى ذلك حيث عمد الفريق إلى إجراء تحقيقاته عن بعد واستلم عينات لا يعرف من أين أتت ومن جمعها وقابل شهوداً مزعومين إما مجهولو الهوية أو تم جلبهم من البيئة الحاضنة للمجموعات الإرهابية وذراعها تنظيم (الخوذ البيضاء) الإرهابي.
وقال صباغ: أسأل الممثل الأعلى لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو وأعضاء مجلس الأمن الذين امتدحوا مهنية المنظمة عن تفسيرهم لمفارقة غريبة في عمل بعثة تقصي الحقائق والمتمثلة في قيامها بإنجاز تحقيقاتها في الحوادث المزعومة التي تتم فبركتها ونشرها في المصادر المفتوحة والإبلاغ عنها من قبل جهات مشبوهة خلال زمن قياسي أي بضعة أشهر فقط في حين تستغرق تحقيقاتها في الحوادث التي تبلغ عنها الحكومة السورية أكثر من ثلاث سنوات الأمر الذي يشير إلى وجود حالة عدم اتساق في منهجية عمل هذه البعثة واستخدامها طرائق عمل مختلفة وانتقائية.
وأوضح صباغ أن الفضيحة المدوية لمهنية المنظمة كانت تحقيقات فريقها بالحادثة المزعومة في دوما في العام 2018 مشدداً على أن ما كشفه أحد الخبراء الذين شاركوا في تلك التحقيقات دليل واضح وقوي على حجم التحريف والافتقار الكبير للمهنية والموضوعية والانحياز التام من قبل المنظمة لافتراضات نظرية لا تستند إلى أي أدلة علمية أو ملموسة.
وأشار صباغ في هذا السياق إلى البيان الصادر عن (مؤسسة الشجاعة) في الثامن من شباط الماضي والموقع من قبل مجموعة كبيرة من الخبراء والشخصيات العلمية البارزة وفي مقدمتهم المدير العام الأول لمنظمة الحظر خوسيه بستاني الذي لفت إلى وجود (مخاوف جوهرية وخطيرة بشأن الطريقة التي أجري بها هذا التحقيق وحدوث مخالفات إجرائية وعلمية جسيمة) وفشل المنظمة في معالجة مخاوف المحققين لا بل ومعاقبتهم على تمسكهم بمصداقية المنظمة ومحاولة الإساءة إليهم كما حذر البيان من الإضرار بسمعة ومصداقية المنظمة مؤكداً أن تقرير حادثة دوما المزعومة يثير الشكوك وعدم الوثوق بجميع تقارير المنظمة المماثلة بما فيها تقرير حادثة خان شيخون المزعومة 2017.
وأوضح صباغ أن اللجنة الوطنية السورية وعلى الرغم من تحفظها على طرائق عمل بعثة تقصي الحقائق والمستندة إلى مشاغل جدية وحقيقية تتصل بتنفيذها لولايتها فقد أكدت استمرار تعاونها مع هذه البعثة ورحبت بزيارة فريقها لاستكمال تحقيقاته في الحادثة المزعومة في كفر زيتا 2016 ومن المتوقع وصوله بتاريخ الـ 22 من آذار الجاري وستقدم له ما يتوفر لديها من معلومات وشهود لتمكينه من استكمال تحقيقاته.
وبين مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن فشل آلية التحقيق المشتركة في الالتزام بولايتها وافتقار تقاريرها للمهنية والمصداقية أديا إلى إنهاء ولايتها الأمر الذي دفع بعض الدول الغربية إلى التوجه لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والتلاعب بنصوص الاتفاقية وممارسة الضغوط على الدول الأعضاء فيها وابتزازها لاستصدار قرار غير شرعي يقضي بإنشاء آلية ما يسمى (فريق التحقيق وتحديد الهوية) ما شكل سابقة خطيرة بتفويض منظمة فنية بصلاحيات إجراء تحقيقات جنائية وقانونية لتحديد هوية المسؤولين عن حالات استخدام أسلحة كيميائية في تجاوز واضح لاختصاص مجلس الأمن.
وأشار صباغ إلى أنه بالرغم من كل ذلك فإن ممارسة هذا الفريق لعمله لم تختلف كثيرا عن الممارسات التي اتبعها فريق تقصي الحقائق إذ خلص إلى إصدار تقرير غير مهني استند إلى مبدأ الترجيح والاحتمال ما جعل الاستنتاجات التي قدمها مطعونا فيها وغير جديرة بالثقة لكنها شكلت أرضية للولايات المتحدة وفرنسا للترويج لمشروع قرار مقدم إلى مؤتمر الدول الأطراف لمنظمة الحظر يهدف إلى إيجاد ذرائع جديدة لارتكاب المزيد من أعمال العدوان ضد سورية وتشجيع التنظيمات الإرهابية على القيام بمسرحيات كيميائية مفبركة جديدة خدمة للسياسات العدائية الأمريكية الغربية مجدداً دعوة سورية جميع الدول الأعضاء إلى عدم الانجرار وراء هذا المسعى والتصدي له لتجنيب منظمة الحظر تداعيات خطيرة على مستقبل عملها وتعاونها مع الدول الأطراف فيها.
وبشأن ما يثار حول الإعلان السوري الأولي بين صباغ أنه تم تقديمه خلال زمن قصير في ظل ظروف ضاغطة ولهذا استجابت سورية في العام 2014 للعمل مع الأمانة الفنية لتقديم توضيحات مكملة له وهو حق كفلته الاتفاقية والممارسة المعهودة لدى المنظمة علماً أن الولايات المتحدة لا تزال حتى اليوم وبعد ما يزيد على عقدين على انضمامها للمنظمة تقدم إعلانات مكملة لإعلانها الأولي لافتاً إلى أن سورية التزمت بحوار منظم مع فريق تقييم الإعلان بهدف معالجة ما تبقى من مسائل فنية عالقة ما أسهم في تحقيق تقدم ملموس وإغلاق عدد من المسائل وقد أجرى الفريق الجولة الـ 24 من المشاورات مع اللجنة الوطنية السورية خلال النصف الثاني من شباط الماضي وحصل على التسهيلات الكاملة لإنجاح مهمته.
وأشار صباغ إلى بعض المسائل الفنية التي تتم مناقشتها ترتبط بتفسيرات علمية مختلفة وبالتالي هي عملية لا يمكن حسمها بشكل سريع أو انتقائي معرباً عن أسف سورية لتعامل بعض الدول مع موضوع الإعلان السوري الأولي بسوء نية وتشكيك دائم ونظرها إلى نصف الكأس الفارغ وليس النصف الممتلئ أي توجيهها الانتقاد بدلاً من الإعراب عن التقدير لما تحقق حتى الآن والتشجيع على الاستمرار فيه.
ورداً على مندوبي بعض الدول الأعضاء قال صباغ: أذكر هؤلاء المندوبين بأن مرفق الإنتاج الذي ركزوا عليه مشار إليه في تقرير مدير عام المنظمة بأنه مرفق معلن عنه من قبل سورية أما مناقشة نتيجة تحليل العينات فهذه مسألة علمية وفنية تتطلب مناقشة عميقة بين خبراء المنظمة واللجنة الوطنية السورية ولن أخوض أكثر في هذه النقطة مراعاة لطابع السرية لموضوعات الإعلان الأولي من جهة وعدم تحويل هذه الجلسة إلى جلسة مناقشة فنية مكانها الطبيعي لاهاي.