دفاع درامي استباقي

تقول الوصفة الدرامية مضمونة النتائج: (هذه الأحداث من وحي خيال المؤلف، وأي تشابه بينها وبين الواقع غير مقصود أو من باب المصادفة لا أكثر)، تنجح هذه العبارة في تحقيق المُراد منها على تنوعه وتباينه، فمع أنها تبدو دفاعاً استباقياً عن النفس، يسوقه صنّاع العمل كالموقوف على ذمة التحقيق، لكنها تُوحي للمتفرج بأن وراءها سراً ما طالما أنها “ربما” تتشابه مع شيء سمعه أو شاهده أو قرأ عنه، والأغلب أنه شيء لا يجب كشفه، وإلا لماذا يتنكر أصحابه لاحتمالية التشابه!، أما ما يعرفه الجميع هو أن الوصفة ذاتها تُستخدم للتحايل على أي إجراء رقابي شبيه بقص مشاهد من أعمال درامية أو منعها بشكل كامل.
إعلان البراءة الجاهز يترافق عادة مع الأعمال التي تُفرد مساحة لتناول شخصيات وقضايا إشكالية، لكنه قليلاً ما وجد طريقه إلى درامانا التي فضلت معظم الوقت البحث مراراً وتكراراً في قضايا مجتمعية، قدمتها بأساليب وطرق وحكايا مختلفة، عدا عما ابتكره المؤلفون من بيئات وأحداث، لم تنل دائماً رضا الجمهور الذي وصف بعضها بالمُسيء والمُختلق.
وعلى ما يبدو فالدراما تدور في إطار معروف تحت ما يسمى “اجتماعي معاصر”، تاركة مساحات واسعة من “المُثير” و”المستور”، حتى لم يعد مطلوباً منها التحايل أو المُداراة، ليصبح أقصى ما يحققه عمل درامي، المتابعة والتفاعل على صفحات الفيسبوك في وقت يمكن للدراما أن تغيّر قناعات الناس وتضع المجتمع وجهاً لوجه أمام مشكلاته، لا سيما تلك التي مرّت عليها بعض الأعمال سريعاً أو غابت عنها أو لم تعطها حقها من البحث والمعالجة، فما ثبت هو أن مفاهيم مغلوطة رسختها مسلسلات بعينها بقصد أو غير قصد، فلمَ لا يكون القادم أكثر جرأة ومصداقية ودراية بالموجود والممكن؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار