من غير المجدي إعادة استخدام مصطلحات ، اعتادت بعض الجهات المعنية على استخدامها منذ سنوات ، لبث رسائل تطمينية إلى المواطنين تفيد بأن محاربة الفساد واستغلال المال العام دون وجه حق هو خط احمر ولا يمكن السكوت عنه , إلا ان محاسبة مرتكبي الـفساد من خلال الواقع , ما زال ضعيفًا جداً ، حتى ظن الجميع أن عملية الإصلاح ومحاربة الفساد مسألة باتت عصية على الحل . ولو تحدثنا بشفافية أكثر لوجدنا أن جميع السيناريوهات التي طرحت بشأن محاربة الفساد والإصلاح لم تترجم على أرض الواقع..
وبين الفينة والأخرى تتحفنا الجهات الوصائية بتصريحات مفادها ضبط اشخاص قاموا باستغلال السلطة الوظيفية والاعتداء علـى المال الـعام ، ويتم التعهد بمحاسبتهم لكننا لم نسمع إلا التهويل والتهديد ؟؟ ولو عدنا إلى ما نادت به الحكومة من خلال مشروع قانون من أين لك هذا ؟ وغيره من الـقوانين و الأنظمة لمكافحة الفساد بجميع أشكاله وحماية المال الـعام ؟ نجد أن كل هذا لم يأت ِ بجديد !! ..
اليوم نحن في مرحلة انتقالية هامة لذلك يجب أن يكون هناك دراية في انتقاء إدارة أي مؤسسة أو إشغال أي منصب إداري وقيادي حكومي وحتى غير حكومي إضافة إلى الخبرة والمواصفات القيادية والإدارية الأخرى التي تؤهل هذا الشخص لإشغال هذا المنصب أو ذاك وحيث إن نجاح أي وزارة أو مؤسسة يبدأ من داخلها فلابدّ من التأكيد أننا اليوم في خضم تصحيح صحي للترهل في مؤسسات وشركات القطاع العام, التي وصل قسم كبير منها إلى مرحلة من الخمول بل أصيبت بحالة شيخوخة مبكرة وتتطلب جرعة إنعاش لتبقى على قيد الحياة..
في الوقت ذاته لا يمكن أيضاً أن نختلف على أن الإدارة في أي دولة هي عصبها الرئيس وسياجها الأساس لمحاربة الفساد، وأن عملية إصلاحه وتقويم خدماته وتطوير نشاطاته أصبحت أمراً مُلحّاً، بل وربما واجب ..
من هنا علينا أن نكون على قدر المسؤولية حتى لا نبقى نراوح في مكاننا، وما هو مطلوب: عملية تطوير جذرية هدفها تحديث هياكل الوزارات و المؤسسات ومعالجة أمراضها وتجاوز حالات الركود والتخلف، ما نريد قوله: إن محاربة الفساد تحتاج إلى رؤية شاملة تنطلق بعيداً عن العقلية البيروقراطية التي ترى في الإصلاح تجاوزاً لما ترغب به، وفتح أبواب جديدة لمفاهيم لم تعتد عليها..
لذلك علينا أن نتحرر ونتجاوز ما حدث ويحدث من خلل ومحسوبيات لأن الفساد والاعتداء على المال العام من أخطر الجرائم، التي لها آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني ..
hanaghanem@hotmail.com