منذ عقود ونحن نسمع عن دراسات ورؤى اقتصادية تحمل في أوراقها أفكاراً لتطوير القطاع الصناعي , ليس على مستوى العام فحسب, وإنما الأمر يطول القطاع الخاص أيضاً, مع محاولات وصفت بالجادة لتطبيق هذه الرؤى والاستراتيجيات والدراسات, التي وصفت الواقع بشكل فعلي, ولامست هموم ومشكلات في غاية الدقة وبينت الداء والدواء, والأهم من ذلك البحث في توفير الإمكانات المادية والبشرية لترجمتها على أرض الواقع
إلا أن مجمل ذلك اصطدم بواقع أشد مرارة من عدم التنفيذ ألا وهو فقدان الإرادة ورغبة التنفيذ, من قبل معظم الوزراء السابقين والمفاصل الأخرى في العمل ولاسيما قيادات الصف الثاني والثالث ومن يتبعهم بالمسؤولية عن تطوير وتحديث القطاع الصناعي بكليته لاعتبارات أقل ما نسميها شخصية , أو شخصنة العمل لمصلحة أفراد متنفذين ومستفيدين من تردي الواقع , وتراجع إنتاجية مكونات القطاع
وبالتالي هذا الأمر الذي وضع صناعتنا بكل مقوماتها على مفترق طرق, يفرض علينا صعوبة الاختيار, بين ممكنات التنفيذ التي لا تحمل خزينة الدولة أعباء مالية كبيرة, نحن بأمس الحاجة لها في ظل الظروف الراهنة, وبين اتخاذ القرار المناسب لإنقاذ ما تبقى من صناعاتنا والحفاظ على ماء وجهها قدر الإمكان وفق ما هو متاح من إمكانات مادية وبشرية , وكفاءات متميزة
فهل تفعلها الحكومة القادمة في ظل ظروف يشهد فيها النسيج الصناعي خراباً كبيراً ودماراً في البنية والهيكلية, بسبب الإرهاب وعصاباته المسلحة وأدواتها التخريبية؟
ما نتمناه أن تترجم هذه رؤية وزارة الصناعة الجديدة على أرض الواقع , وتبصر النور والتنفيذ الفعلي للإقلاع بالصناعة من جديد وتحقيق المساهمة الفعالة في زيادة الناتج الإجمالي المحلي والوطني, وزيادة قدرتها التنافسية للمنتج المحلي, والبقاء ليس في السوق المحلية فحسب بل العودة بسرعة لمكانتها الكبيرة في الأسواق الخارجية التي كانت تغذي أكثر من 80 بلداً قبل سنوات الحرب الكونية
رؤية قابلة للتنفيذ تحمل الكثير من النقاط , ينبغي العمل عليها بسرعة لاختصار المسافات الطويلة السابقة والوصول الى الممكن , ولاسيما لجهة تعزيز مقومات البنية التحتية والتشريعية , واتخاذ إجراءات تنفيذية وتطبيقها فعلياً على أرض الواقع, تبدأ بتخفيض تكاليف الإنتاج ومعالجة الهدر , وصولاً إلى السعر المناسب , والجودة التي تحقق عنصر المنافسة والغاية منها