إن الظروف التي مر بها بلدنا ومازال، شكّلت محطات اختبار لمنتجنا المحلي وخاصة الصناعي منه لجهة الثبات والقوة، وتوفير حاجة الأسواق من مختلف السلع الصناعية وفق الإمكانات المتوافرة، لكن ذلك كان متأرجحاً ما بين القدرة على التأمين، وبين الإمكانات المادية والبشرية التي تمكنه من فعل ذلك بما يحمي ويوفر حاجات السوق، لهذا السبب كانت تظهر ما بين الحين والآخر فترات ضعف وتراخٍ لهذا المكون تفرض نوعاً من الضعف الصناعي، ترعاه كفاءات وإدارات لم تكن على قدر من المسؤولية للخروج به الى مواقع متقدمة من الإنتاج الذي يحقق ويلبي الغاية والهدف المنشودين، فتظهر عليه علامات الضعف في الإنتاج، إلى جانب السوء في العملية الإنتاجية، واختلال ميزان المواصفة والجودة فيه، وصولاً على كميات كبيرة من المخازين، كانت رغم سلبيتها تشكّل حالة إنقاذية للسوق في ظل ما نعانيه من حصار اقتصادي وعقوبات ظالمة بكل المقاييس، وهذا ما بدا واضحاً خلال سنوات الأزمة الحالية .
لكن ذلك لا يكفي لتحقيق قفزة نوعية لهذا المكون للوصول به إلى حالة انسجامية تسمح له بمواكبة التطور النوعي في عالم تكنولوجية الصناعة، رغم كل جرعات الدعم التي قدمتها الحكومات المتعاقبة، والاستراتيجيات والدراسات التي وضعت للعودة به إلى الحالة التصنيعية الجيدة قبل سنوات الحرب التي دمرت القسم الأكبر منه على يد الإرهاب وعصاباته، وما تعرض له من سرقة وتخريب ممنهج لخطوطه الإنتاجية لشل حركة التصنيع الداخلية وتدميرها بشكل نهائي..
وبالتالي فإن الواقع الحالي يشير إلى عدم إعطاء القطاع الصناعي الاهتمام الكافي والرعاية المطلوبة، وخاصة لجهة التطوير التكنولوجي، والبحوث العلمية، والعمالة المؤهلة للتماشي مع التطورات الحاصلة في هذا المجال وترجمتها على أرض الواقع خدمة لهذا المكون ومجاراته لمتطلبات المرحلة المقبلة، دون أن ننسى جرعات الدعم التي قدمتها الحكومة سابقاً وحالياً، لكنها لم ترقَ إلى المستوى المطلوب، والحاجة الملحة للمكون الصناعي في ظل ظروف أحوج فيها أن تكون صناعتنا الوطنية هي الرائدة في كل مجال ..
وبالتالي هذا الواقع الملح يفرض علينا وبصورة مستعجلة، تعميق إجراءات الإصلاح، وزيادة الإنتاجية، والمردود وترشيد الإنفاق، ومعالجة مصادر الفساد، والاستفادة من الكوادر ذات الكفاءة والنزاهة، وهذا أهم ما نحتاجه خلال المرحلة المقبلة , فهل تفعلها الجهات المعنية وتهيّئ ظروف إصلاحه، نحن في الانتظار..!؟.
Issa.samy68@gmail.com