الثعلبُ و«المرموط»
لقطةٌ لثعلب و«مرموط» (سنجابٌ ضخمٌ نوعاً ما)، التقطها المصوّر الصيني (يونغتشينغ باو) تفوز بجائزة أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019، الصورة، التي أحسن فيها «يونغتشينغ» قنص اللحظة المثالية لردة فعل «المرموط» عندما صار وجهاً لوجه مع الثعلب، تحاكي تماماً «المرموط» أردوغان متضخّم الأنا والمحتال ترامب اللذين يمكن تأطير حضورهما تحت عنوان «الحياة البرية»، فكلّ منهما تشي سياساته بالحياة البرية التي «تقوننها» شريعة الغاب.. تعدٍّ على السيادة والقوانين الدولية، انتهاكات وعدوانٌ، قتلٌ وتهجيرٌ ودمار..
وفي الصورة يلجأ الثعلب ترامب لمواجهة خصومه في الداخل، فينعت مهدداً أردوغان «المرموط» بالأحمق والشيطان، إن لم يعلّق عملية «نبع السلام» التي تشنّها القوات التركية المعتدية ومرتزقتها على الشمال السوري، والتي أدّت إلى استشهاد وإصابة المئات من المدنيين؛ نساءً وشيوخاً وأطفالاً، وإلى تهجير عشرات الآلاف من المدنيين من مناطقهم، ونسف البنى التحتية بما فيها مشروعات المياه والكهرباء، وليجفل الغازي والمعتدي من الرسالة: «لا تكن متصلباً، لا تكن أحمقَ، سينظر إليك التاريخ على أنك شيطان..».
وتحت لحظ حملة دولية ضد العثماني «المرموط»، تمّ الإعلان عن تعليق «نبع السلام» (التي تمّ خرقها)، بخطوة تثابر فيها الولايات المتحدة الأمريكية على تكريس شريعة الغاب!..
فالدولة السورية مع كل اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن بعد أن تكون صاحبة السيادة أحد أركان الموقِّعين على كلّ اتفاق، وفرض الأمن والأمان مسؤوليتها بعد دحر كل احتلال وإجلاء لكلّ القوات اللاشرعية عن البلاد.
وما يسمى «منطقة آمنة» وقواعد عسكرية غير شرعية ليست إلا «قوانين» صادرة عن حياة برية بامتياز.
الجيش العربي السوري ماضٍ –ومازال- بتحقيق إنجازات ميدانية مهمة في خطوات الانتشار على الحدود السورية- التركية، وهو عازمٌ على إغلاق ملف الجزيرة السورية، ومن ثم تصفية التنظيمات الإرهابية في إدلب وريفها، ولاتزال الدولة السورية تعدّ وجود العنصر التركي غزواً واحتلالاً وهي ماضية في تحقيق إجلائه، وتبيّن فيما لو استمر نظام أردوغان في عدوانه، كيف يمكن أن تكون تركيا دولةً ضامنةً في مسار أستانا؟
إنجازات الجيش العربي السوري، ومشهدية الميدان السياسي والعسكري ليست إلا ثأراً للجغرافيا السياسية التي فرضت خلطاً جديداً في الأوراق، وتغييراً في قواعد اللعبة، وما على الأعداء -والكيان الصهيوني على رأسهم- إلا التحضّر لمفاجأة النصر السوري الكامل، ولاسيما أن مسؤولي الكيان باتوا يندبون أحلامهم التي تشظّت على وقع خطا تقدّم الجيش العربي السوري، وهاهو «تسفي هاوزر» عضو «الكنيست» الصهيوني في مقابلة له مع صحيفة «معاريف» يلطم وينتقد مرؤوسيه: «..كان على (إسرائيل) خلال السنتين الماضيتين أن تقوم بجهود كبيرة لمنع هذه النتائج التي وقعت في الشمال السوري..»، وليتقيأ «هاوزر» آماله ويقول: «كان على (إسرائيل) أن تعمل بكلّ ما تملكه من إمكانات وتحالفات لكي تتقسم سورية إلى ثلاث دول ويتحقق المكسب الكبير لنا».
ربما لقطةُ العام التي فازت بمسابقة أفضل صورة للحياة البرية، لن يحاكي نجاحها السياسة الأمريكية ولا التركية ولا حتى الدول التي تنتهج خطاهما في اللاشرعية، لأن بنية النظام العالمي ستلفظ المعتدي وستكرس نهج القوانين مادامت الشعوب تعي الإنسانية وتعمل من أجل السلام.