«المعارضة» المريضة..

مادامت هناك احتمالات ربح أو خسارة فإن الرقعة التي يقوم عليها الحدث تجوز عنونتها بـ «الميدان»، وخاصة إن كانت فرضية الاحتمالات تشمل اسم سورية اللاعب الأساس اليوم في كل الأخبار، والذي فرض حضوره القوي، رغم الحرب والإرهاب والحصار، حتى في أخبار المونديال. ولأنها سورية، تحوّل الملعب الأخضر الذي استضافها كروياً إلى «ميدانٍ» حقّق فيه المنتخب السوري انتصار الحضور لنهائي تصفيات التأهل لمونديال كأس العالم 2018.
خبر لفت إليه القاصي والداني، ووحّد الشعب السوري في الداخل وفي المغترب أمام شاشة تلفاز تنقل لقاء «نسور قاسيون» مع المنتخب الأسترالي على أرض مالكا الماليزية، لتلم شمل أفئدة السوريين في كل أرجاء العالم، وليشكّلوا نبضاً واحداً مقياسُ ولائه حب الوطن، وهتافه سورية.. سورية.. طوال فترة المباراة، باستثناء ثلة قليلة تنعت نفسها بـ«المعارضة» جوازات سفرهم ممهورة بخانة قيد سورية، لكن سورية منهم براء، فقد تبجّحوا على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صورهم و«أعلام ربيعهم» وأعلام المنتخب الخصم تلفُّ خصورهم وظهورهم التي أثقلها فشل مشروعهم الواهم على أرض سورية الكرامة والإباء، فهم القلة الذين ارتضوا لأنفسهم الذل والهوان.
ومع كل العناوين العالمية المحتفلة بإنجاز المنتخب السوري، وإعجابها بمستواه الرياضي في بلد يعاني حرباً إرهابية شرسة منذ سبع سنوات، كان من بين وسائل الإعلام أثير لفظ سمومه رغم ما يدّعيه من «مهنية» شكلية تنقصها الموضوعية ليسقط إعلامياً باستضافته في استوديو تحليل للمباراة ضيوفاً حمقى عرّفوا عن أنفسهم بأنهم «سوريون» بينما هلّلوا للمنتخب الخصم! ورفضوا الاحتفال بمساحة إنجاز حققها المنتخب السوري، وذريعتهم أنه فريق «النظام»، فأي التوصيفات تليق بسلوكهم وهم المرضى النفسيون لا انتماء ولا ولاء يؤطر تصرفاتهم إلى حد رفضهم بعقولهم المريضة الاعتراف بولاء مؤقت ولو لـ 90 دقيقة، تجمعهم خلالها مع السوريين عامة، فرحة ساحات وغرف معيشة ومقاه وصالات ضمت حتى الجاليات السورية في كل دول العالم، وعلم سورية ممثلاً بـ 11 لاعباً يستحوذ على أخبار الساعة في الشاشات.
و«لأن كل إناء بما فيه ينضح» فقد طفَّ إناؤهم وهو يضخ صور العمالة والارتهان، ولا غرابة، فهم أشخاص لا يهتمون بأحوال الوطن، فمن لا يعنيهم من مات وهُجِّر ونزح من أبناء وطنهم، كيف ستعنيهم مباراة؟ وأبواب فنادقهم من فئة «خمس نجوم» مازالت مفتوحة مواربة عسى تدخل عبرها ورقة أخيرة لتحطّ على طاولة التكتيكات الفاشلة، أملها التفريق بين أبناء الشعب السوري الذي أسقط جميع المراهنات، وصمد في وجه أعتى الصعوبات، ساندته في ذلك الدولة العظيمة التي تعرف كل خطوة تخطوها، وكانت المصالحات المحلية خطوة مهمة لا يقدم عليها إلا الأقوياء، فالوطن أم أصيلة ذات حَسَب ونسب متجذّر عمره تجاوز آلاف السنين، أنجبت الأبجدية للعالم والعظماء ممن ذكرهم التاريخ، ومازالت حتى يومنا الحاضر تحقق فعل الاستثناء في زمن ارتضى فيه الكثيرون الاستسلام، وهي المنتصرة أبداً على كل دولة أعلنت الحرب ضدها، وعلى كل معتدٍ وخوَّانٍ ارتضى أن يكون وكيلاً لعدونا، وفي «الميدان» سيكون النصر حليف سورية، وها هي بشائره بدأ العالم يتلمسها مع المواطن السوري بامتيازيةِ ولاء، لأنه «فقط في الشتاء القارس ندرك أن أشجار الصنوبر والسرو مقاومة للبرد».
m.albairak@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار