ماذا لو اقتحمت المقاومة الجليل؟
تشرين – ادريس هاني :
- على بضعة أمتار من الجليل، هناك حيث الهُدَن حذرة، وكلّ شيء ممكن، دائمًا هناك موعد مع الاشتباك، شعب الجنوب يعرف جيداً عدوه، هو يومياً معه في اشتباك بالنظرات الحادّة، ففي هذا المقطع تجري مواجهة جادّة.
- لكل أمر تاريخ، وتاريخ هذه المعركة لم ينتهِ، غير أنّ الحديث عن نتائج معركة في ذروتها هو ضرب من مغالطة الاستعجال، الحديث عن نهاية المقاومة سردية فقدت مصداقيتها، فالمقاومة اليوم ترشق الاحتلال يومياً بأكبر قدر من الصواريخ لم يعهد الاحتلال مثله من قبل، انتهت فكرة الأمن القومي للكيان منذ باتت سماؤه مفتوحة أمام صواريخ ومسيّرات المقاومة، عن أي نهاية يتحدّث المولعون بحديث النهايات؟
- حسب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، فقد وُعِدوا بوقف العدوان على غزّة ولبنان، مقابل ضبط النّفس، لم يفوا، حيث تمادى المُقامر بآخر ما تبقى في حوزته من بقشيش، لقد أفلس الاحتلال، وعرّض ما تبقى من رصيده من المخاطرة لحرب استنزاف ستكون الكلمة الأخيرة فيها للمقاومة، فرئيس حكومة الاحتلال اليوم متّهم بعدم التواضع في تقدير إمكانيات المقاومة.
- خلال قصف الكيان لمناطق في طهران، لم يدخل الإيرانيون الملاجئ، كما حصل ليلة قصف إيران لـ«تل أبيب»، ومع ذلك تتحدّث الدّعاية عن ضربة كبيرة.
- بعد كل هذه المحرقة، لم يعد هناك في حوزة سماسرة المعلومات ما يقدّمونه للمحتلّ، انتهت مهمّتهم، وهم في حالة دفاع عن وظيفتهم، فمن فتح شهية الاحتلال على المخاطرة هو حجم المعلومات والتقديرات الزّائفة التي قدّمت له من قبل العملاء، لقد تورّط في حلم مبكّر عنوانه: إنهاء المقاومة في سبعة أيّام، لقد تورّط الاحتلال في مأزق كبير، لكن هذا المأزق يتعذر رؤيته اليوم في ظلّ حرب الدّعاية، لكن الاحتلال يدرك ذلك جيداً، كما تدركه المقاومة جيداً.
- هل كان الاحتلال يتوقّع أن يتطوّر الأمر، ليُصبح سكان 25 مستوطنة مطالبين اليوم من قبل المقاومة بإخلاء مساكنهم؟ ستكون تكلفة الحرب على المدنيين كبيرة حين تصبح المعاملة بالمثل، هل يتحمل الكيان مواصلة اللعبة؟.
- يصعب الحديث عن حرب عالمية ثالثة بالمفهوم الكلاسيكي للحرب العالمية، لكنها حرب قائمة اليوم بشكل آخر، حرب عالمية على غزّة ولبنان، وحتى كمية القنابل والمتفجرات التي استهدفت البلدين تفوق حجم ما وقع في الحرب العالمية الثانية على ضحاياها، فالاحتلال الذي بدا منتشياً بنصر زائف وهو يحصد أرواح المدنيين، سرعان ما يصاب بالإحباط حين يحاول دخول الجنوب، اليوم سبقته المقاومة لتفرض حزاماً أمنياً في شمال فلسطين المحتلة، كل شيء بات متوقّعاً، حتى الجليل ما زال يداعب رغبة المقاومة في الاجتياح.
- هل قدّر بعض العرب مخاطر انتصار احتلال يمتدّ مشروعه إلى سائر البلاد العربية؟ هل استوعبوا ماذا يعني سحق شعب عربي كان له الفضل في عرقلة مشروع شرق أوسط جديد وفق شروط يفرضها الاحتلال؟
كاتب من المغرب العربي