ما هو شعورك عندما تجد أمام نافذة غرفتك هدية غير متوقعة ..جناحين ما أن تضعهما على ظهرك حتى تحلّق في الفضاء الحر ؟!
أنت حر.. هل هو حلم أم خيال؟ تتوق له النفس التي تحب الشمس والسماء.. وتعتبر الأشجار بمختف أنواعها بعضاً من عائلتها..وترى الزهور ثمرة الخير.. والأشواك دعوة لليقظة..والجمال دليل على وجود الحب.. والفضيلة عرش الحرية.
منذ سنوات خلت، بحث أرسطو في سؤال الحرية وكان ضمن بحثه في سؤال الفضيلة..حيث رأى أرسطو أنّ الفضيلة تتطلب الحرية، حرية الإرادة وحرية السلوك وهناك (دائماً حسب أرسطو) نوعان من معوقات حرية الإرادة: أولهما الجهل سواء كان جهلاً بماهية الفعل أو بعواقبه، وثانيهما غياب الحرية.
رغم أنّ العالم كبير إلّا أنّ نظرياته حول أساسيات الوجود واحدة في كل المعايير الدينية والأخلاقية والأدبية والعلمية وهي تنبع من نور واحد في الشرق والغرب والشمال والجنوب.. لذلك حين نقول إن «الحرية هي أمُّ الفضائل» فهذا يعني ضمن ما يمكن من معاني أن الفضيلة التي يجبر عليها الفرد هي بلا أدنى قيمة، لأنه لا يكون حينها فاعلاً عقلانياً وإنما مجبرٌ (بلا حرية إرادة) على فعل الفضيلة أو الخير.
هو لم يختر بإرادة حرة بين أفعال يعرف ماهيتها وعواقبها (العقلانية) لأنه لم يكن حراً أصلاً.. الفرد في كل المجتمعات يكون دائماً في حالة إطلاق أحكام أخلاقية على أفعاله، جيدة وسيئة، نبيلة ومنحطة، مفخرة وعيب الخ، وهو بذلك أيضاً يحكم أخلاقياً على أفعال الآخرين من خلال معادلة بسيطة: ما يعتبره جيداً ونبيلًا فيفعله، يكون هو ما يتوقع من شخص جيد أن يفعله، وسيكون حكمه الأخلاقي مغايراً لو خابت توقعاته.
ولعلّ مصطلح المسؤولية الأخلاقية حسب هذا التصور هو مصطلح عالمي، لأنك حين تمارس حريتك، وتختار أفعالك فأنت ضمناً تقبل تبعاتها، سواء المادية أو المعنوية ومنها الأحكام الأخلاقية المرتبطة بكل فعل وهذا ما يسمى العقلانية.
وضمن هذه المفاهيم ليس من المبالغ به أنّ لكل منا أجنحته وفضاءه وحريته وهو وحده المسؤول أولاً وأخيراً عن سعادته أو شقائه.