المحاسب الخارق
إن لم يلحق التنقل بنفسه بين المديريات المكلف بها، فإنه يتوجب عليها هي أن تلحق به كي تسيّر أمورها المالية، إنه محاسب الإدارة الذي يعد أحد أركان العمل اليومية الأساسية.
ما استدعى هذا الاستهلال هو حالة العوز الشديد في محاسبي الإدارات لدى مديرية مالية درعا، إذ إن عددهم على مستوى محافظة درعا لا يتخطى حالياً ١١ محاسباً، متراجعاً لأكثر من نصف ما كان عليه قبل الحرب نتيجة التسرب لأسباب مختلفة.
وهذا النقص دفع إلى تكليف المحاسب الواحد بثلاث أو أربع مديريات وكأنه (السوبرمان)، الأمر الذي يشكل عبئاً ثقيلاً عليه، وقد يضطره أحياناً إلى التأخر لعدة ساعات بعد الدوام الرسمي لاستكمال عمله، كما سيتوجب منه المسارعة بالتنقل خلال اليوم الواحد بين مختلف المديريات المكلف بها لتسيير أمور محاسبية من نفقات وإيرادات لا يعقل تأخيرها، وإن لم يتمكن لأهمية استكمال عمل ما في مديرية محددة من المكلف بها، فإن المديريات الأخرى ترسل إليه الملح مالياً لتسييره.
المستغرب ما بات يتبع لجهة تبديل المحاسبين بين المديريات، حيث قُلص الزمن من أربع سنوات إلى اثنتين فقط، ويرى قائمون على بعض تلك المديريات و المحاسبين أنّ ذلك يربك العمل، فالمحاسب ما إن يستوعب أبواب موازنة المديرية والنفقات على مشاريعها المتعددة يتم نقله، ليأتي غيره وتتكرر حالة الارتباك من جديد.
إنّ تعزيز كادر محاسبي الإدارات من الضرورات الملحة، ولا ضير من إقرار دعم بتعويضات وحوافز معقولة لاستقطاب المزيد منهم إلى حيّز العمل الوظيفي، ما يتيح تخصيص محاسب أو أكثر للمديريات الكبيرة، وتقليص عدد المديريات المكلفين بها إلى اثنتين من الصغيرة، لما لذلك من دور في تسريع إنجاز المعاملات المحاسبية وتجنب الوقوع بالأخطاء المحتملة نتيجة كثرة ضغط العمل والتشتت بين عدة جهات، وكذلك النظر بإعادة العمل بنظام التبديل بين المحاسبين كل أربع سنوات مرة، كما هو معمول به في العاصمة تلافياً لأي إرباكات.