بانتظار «ثورة تشريعية» تنهي جموداً طال لعقود.. قوانين في قفص الاتهام ومحامون يرافعون ضدّها
تشرين- رشا عيسى:
يبقى العامل الزمني شبه مهمل لإتمام بعض التشريعات، ما يؤخر الإنجاز، ويثير التساؤلات حول الأسباب المحتملة للتأخير، هل يعود ذلك إلى وجود جبهات تقاوم التغيير، أم مرده إلى قلة الكفاءة لدى الفرق المختصة بذلك، أم هو تنازع مصالح بشكل أو بآخر.
يرجع بعض المختصين بالشأن القانوني الأسباب لوجود مصالح مختلفة تعرقل الإتمام سواء للتعديل أو إيجاد تشريعات جديدة، بينما البعض الآخر يرى أن التأخير في بعض الأحيان لا يكون ناجماً عن أسباب سلبية، حيث تكون البنية الأساسية غير جاهزة لعمل بعض التشريعات وتجعلها قابلة للتطبيق، وأن المسألة ليست في السرعة وإنما في النوع.
أحمد: الحلول تنطلق من تشكيل لجان مختصة لدراسة القوانين بشكل عام وكامل غير جزئي وتحديد مدة زمنية للإنجاز
حاجة ملحة
المحامي أحمد جميل أحمد يرى أن تعديل التشريعات حاجة ملحة وضرورية بسبب تغير الأوضاع والتعاملات ما بين الشرائح جميعها وخاصة المجتمعية والقطاعات المؤسساتية، لكن هناك أيادٍ خفية لها مصلحة في تأخير أو عدم إنجاز تعديلات مهمة وضرورية على كامل القوانين والتشريعات وأهمها وجود الفساد وتنازع المصالح.
وبين أحمد لـ( تشرين) أن الحلول تنطلق من تشكيل لجان مختصة لدراسة هذه القوانين بشكل عام وكامل غير جزئي، وتحديد مدة زمنية للإنجاز، ومتابعتها بشكل دوري لبيان التقدم بالإنجاز واعتماد خطة استراتيجية لمتابعة أداء هذه اللجان وقياس مستوى الإنجاز، وتحرير هذه اللجان من كل المعوقات التي تحول دون تنفيذها مهامها، وخاصة عدم التدخل بعملها من قبل أي جهة كانت، وإشراك الاختصاصيين من الأقطاب كلها وكذلك إعطاؤهم دوراً فعالاً إيجابياً وخاصة السلطات التشريعية مدعومة باختصاصيين قانونيين لتحديث الأنظمة والقوانين، مع ضرورة إنشاء جهاز رقابي فعال ومستقل على هذه اللجان للإشراف والمتابعة وأن تكون من غير العاملين بالدولة.
وقال أحمد: إن التهاون الموجود سببه ضعف مركزية القانون وعدم وجود إجراءات حاسمة تتخذ بحق المخالفين وخاصة في المجال القضائي.
قلعه جي: ليس بالضرورة أن يكون التأخر في تحديث التشريعات هو العامل السلبي فأحياناً نجد أن هناك تشريعات تصدر من دون أن تتوافر لها البنية التي تجعلها قابلة للتطبيق
مشكلات مركبة
من جهته المحامي أحمد قلعه جي بين أن السبب وراء ذلك مركب وهو يخلق مشكلات مركبة، فليس بالضرورة أن يكون التأخر في تحديث التشريعات هو العامل السلبي، فأحياناً نجد أن هناك تشريعات تصدر من دون أن تتوافر لها البنية التي تجعلها قابلة للتطبيق، كالتوقيع الإلكتروني، على سبيل المثال، وأنظمة الدفع الإلكتروني التي تحتاج منظومة اتصالات متطورة وسريعة, وهذا يعني أنه ليس بالضرورة السرعة في إصدار التشريع بقدر ضرورة أن يكون هذا التشريع متوافقاً مع محل ومجال تطبيقه.
وهذا لا يعني الحفاظ على البيئة التشريعية من دون تطوير، لكن ما هو شكل التطوير وآلياته ولمصلحة من؟ من هنا فالمشكلة تكمن أولاً في تشريعات قديمة تحتاج تحديثاً لنتناسب مع تطور المجتمع وهذا يستتبع دراسة احتياجات هذا المجتمع بكافة شرائحه, ووضع النقاط التي تحتاج تعديلاً في التشريع الحالي, ومن ثم صياغة تشريع جامع وواحد في المجال المستهدف يغني عن الحاجة إلى التفسير الذي يخرج القاعدة عن مضمونها في بعض الأحيان.
الترقيع بدل الابتكار
الجانب الآخر من المشكلة، هو في الترقيع بدل الابتكار أو في الابتكار المعزول عن الواقع، وهذا يقودنا إلى الحديث عن الآليات والأدوات، وهنا لا نحتاج آلات، بل نحتاج خبراء ليس فقط في القانون وإنما في الواقع يؤمنون بمصلحة المجتمع الواسعة، ويدركون مدى الترابط الوثيق بين مجالات التشريع والتداخل الذي يبغض التعارض ويرسي استقراراً تشريعياً يحتاجه الفرد ليفهم ويحتاجه الوطن ليتقدم، المسألة ليست في السرعة وإنما في النوع.