إماطة الأذى

هَمَّ الستيني وزوجته بسحب الحجارة مما تيسر على حواف الطريق ووضعاها حول فتحة “ريكار” الصرف الصحي المنزوع الغطاء، ثم انتقلا إلى الذي يليه وعزما على الفعل نفسه، فما كان من بعض المارّة أمام هذا المشهد إلّا المبادرة والمؤازرة، بيدَ أنّ جميع الأغطية على مسار ليس بقصير كانت منزوعة.

إنه لموقف نبيل من أناس يتحلّون بطيب الخلق والحرص على درء الخطر والضرر عن البشر، وخاصةً منهم الأطفال لاحتمال عدم تنبههم لأي من تلك “الريكارات” المكشوفة وسقوطهم بداخلها، وكذلك احتمال نزول عجلات بعض السيارات ضمنها وتدهورها وتأذّي من يركبها، وهنا الاحتمال قد يبدو محتماً، لأن السائق الذي يمضي مسرعاً لن يشاهد “الريكار” المكشوف ذا المنسوب الواحد مع الشارع، وسيتفاجأ به من دون أن يتمكن على الأغلب من تفاديه.

بالنظر إلى الواقعة، يلاحظ أنّ الفرق شاسع بين ذلك المسن وزوجته اللذين اندفعا بلهفة وبلا تردد لإماطة الأذى عن عابري السبيل، بالرغم من ضعف قدرتهم الجسدية وانبعاث روائح مقززة من “الريكارات” وبين خفافيش الليل من ضعاف النفوس الذين لا يتوانون عن سرقة أغطية “الريكارات” أو غيرها من أي مكان متاح لهم، غير آبهين بمدى الضرر المترتب على ذلك، ولو كان إزهاق أرواح.

الوقائع من هذا القبيل كثيرة، فلكل فعل سوء فعل خير يقابله، إذ كثيراً ما نلاحظ من يرمي النفايات في غير أماكنها، بينما غيرهم يحملها بأكياس محكمة الإغلاق ويحرص على رميها في الحاوية، كما يشاهد من يهدر مياه الشرب بغسل الرصيف والطريق، بينما غيره يجهد لإصلاح أي خلل بصنبور منزله لمنع تسرب أي نقطة منه بلا فائدة، وهناك من يكسر مصابيح إنارة الطرقات وآخر يضيئها بمصباح من بيته.

التوعية والتربية السليمة لا شك مفتاح للخير و”مغلاق” للشر، وإذا لم تكفِ وحدها ببعض الحالات، فالشدة من الأهل والجهات المعنية مطلوبة بتطبيق الإجراءات الرادعة، لعلّها تساهم بتقويم اعوجاج من انحرف عن جادة الصواب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار