الغُراب والثعلب
تشرين- ادريس هاني:
من يقضي على الطّماع سوى الكذّاب؟! وعلى الرغم من أن حكاية الثعلب والغراب وُجّهت للطفولة، إلّا أنها درس دائم غفل عنه الكبار، تتكرر الحكاية في الميدان السياسي وفي كل مجال، وحيثما وُجد الغراب الغبيّ، والجبن، الحشد لا ينتج حقيقة عقلية حتى في دائرة الجمهور الطيب، فكيف بتحشيد جيش المنافقين؟ ما بال هذه الأمّة مسكونة بالجبن الأبدي، والخوف من اليتم، والأُنس بالنّفاق كما لو أنها وحدها تحمل مخطط الاستجمال، وكأنّ المنافق لا يحتفظ بخطط مرحلية؟
وكل شيء يجري بتبرير، والتبرير يجيب عن أسئلة غير واردة، عن مسبقات وتسطيح متكرر للواقع، عن تنكّر وتجاهل وتذاكي مشبع بالسذاجة، مستقبليات لا تتعدّى أرنبة الأنف، ابتهاج الضُّعفاء، ابتهاج اليتامى والعبيد.
البراغماتية مطلب أخلاقي قبل أن يكون سياسياً، بالمعنى الذي يُفيد المصلحة، مصلحة العموم والخواص، ما لم تكن مصلحة تخلّ بالصالح العام، وما لم تكن مصلحة أنانية.
قامت البراغماتية أو التداولية على هذا الأساس، لكن فرقاً كبيراً بين البراغماتية والانتهازية، ويبدو هذا مثيراً للاهتمام، حين تصبح الانتهازية وليس البراغماتية، أسلوبًا يخترق بنية الممانعة، التي فقدت مناعتها في مستويات عديدة، حين ظنت أن التمكين للمنافقين ذكاء براغماتيٌ، بينما هي تحفر في قلب الممانعة ممراً سلساً لمن إن كانوا معكم لن يزيدوكم إلّا خبالا،
لن توفق أمّة في عصر التأويل تُمكّن للنّفاق، تعطي الدّنية للحرافيش من حق انتصاراتها، وتؤثر قلّة الوفاء لمن ظنوا يومًا أنّهم يحترقون لينيروا المشهد ويتألموا على طريق إنصاف من تجرعوا كأس الإهانة والتجديف.
للعبيد أقول: لكم مستقبل بنفسجي.
كاتب من المغرب العربي