مقترح بايدن إلى «المَكب» الإسرائيلي و«معضلة» رفح على حالها.. جوع غزة على طاولة الضمير الدولي ودعوات لملاحقة مُجرمي الحرب الأميركيين والإسرائيليين
تشرين- هبا علي أحمد:
فجّر المقترح الأميركي الجديد لإنهاء العدوان الصهيوني على غزة، الخلافات مجدداً بين واشنطن و«تل أبيب» من جهة، وبين أعضاء حكومة الحرب الإسرائيلية الذين انقسموا بين مؤيد للمقترح ومعارض له، رغم أن المقترح الغامض والمملوء بالثغرات جاء جملة وتفصيلاً لخدمة كيان الاحتلال، وبالتالي خدمة الأهداف الأميركية لتهدئة مواربة يتمّ بعدها بحث ترتيبات «اليوم التالي» للحرب، هذا المقترح تزامن مع فشل التوصل إلى اتفاق حول إعادة تشغيل معبر رفح من الجانب المصري وسط إصرار الاحتلال على عدم وجود أي دور مستقبلي لحركة «حماس» في غزة، أي يمكن التوصل إلى نتيجة مفادها أنّ الأفق مسدود أمام أي تهدئة أو حلول تؤدي إلى وضع حدٍّ للعدوان الإسرائيلي على غزة، في ظل التعنّت الإسرائيلي، والحقيقة أنّ واشنطن تبحث ضمان بقاء نفوذها في المنطقة، كما تبحث مع الاحتلال عن تسويات تتم من خلالها تنازلات تقدمها المقاومة الفلسطينية وجبهات الإقليم المُسانِدة وهو ما لم يحصل في أي حال من الأحوال ولا سيما أنّ المقاومة مُتيقظة لما يُحاك.
«إسرائيل» تعمّدت استخدام مصطلحات غامضة فيما يتعلق بالمناقشات حول وقف دائم لإطلاق النار ولا تعتبر نفسها مُلزمة بوقف القتال خلال التفاوض
بين واشنطن و«تل أبيب»
ويبدو من تصريحات المسؤولين داخل كيان الاحتلال أنّ واشنطن تسير في اتجاه والكيان في اتجاه آخر، حتى يبدو كأن الاحتلال يضحك على الولايات المتحدة ذاتها، إذ أوضح مسؤول إسرائيلي رفض الإفصاح عن اسمه «أنّ بايدن أخطأ أو أساء تفسير الأمور فيما يتعلق بالمرحلة الثانية، وذلك بعدما استعرض بايدن يوم الجمعة الماضي شروط الصفقة المحتملة، التي من المفترض أن تبدأ بمرحلة إنسانية، يتم خلالها إجراء مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح جميع المختطفين وجثامين القتلى، والانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار»، معترفاً بأن «إسرائيل» تعمّدت استخدام مصطلحات غامضة للغاية فيما يتعلق بالمناقشات حول وقف دائم لإطلاق النار، بينما استنتج بايدن بناءً على تلك المصطلحات أنه لن يكون هناك قتال خلال المفاوضات، إلا أن «إسرائيل» لا تعتبر نفسها ملزمة بذلك طوال العملية، كما أنه من غير المعروف ما إذا كان هناك إجماع بين أعضاء مجلس الحرب بشأن الصياغة المقترحة.
وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية بأن مكتب رئيس وزراء الاحتلال نقل لوزير «الأمن القومي» إيتمار بن غفير رسالة مفادها أنه خلافاً لكلام الرئيس بايدن لا يوجد في مسودة الاتفاق أي قسم يتضمن وقف الحرب، وأن الأقسام الأخرى لن تشكل صفقة غير شرعية، وذلك بعدما هدّد بن غفير نتنياهو بتفكيك الحكومة في حال المضي بالصفقة، إذ اعتبر بن غفير «أنّ صفقة بايدن كما نشرت تفاصيلها تعني التخلي عن تدمير حماس والامتناع عن استمرار الحرب، وأنها صفقة غير شرعية»، قائلاً: «ليس هناك نصر كامل هنا.. بل هزيمة كاملة لمصلحة حماس».. وتشير طمأنة نتنياهو لبن غفير إلى أن «تل أبيب» تدير «الأذن الصماء» لواشنطن، كما تشير إلى أن العدوان سيبقى في مربعه الأول.
وفي السياق أيضاً، أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اتصالاً هاتفياً بعضو «كابينت الحرب» الإسرائيلي بيني غانتس، أكّد خلاله أنّ مقترح بايدن سيعزّز «المصالح الأمنية لإسرائيل وسيشمل إمكان تحقيق الهدوء عند الحدود مع لبنان، على نحو يتيح للمستوطنين الإسرائيليين العودة إلى منطقة الشمال»، مشدداً على التزام بلاده بـ«أمن إسرائيل».
ليست هناك مبادرة.. الرئيس بايدن تحدّث عن أفكار والأفكار العامة لا تعني الوصول إلى تفاهم والتفاصيل لدى الجانب الإسرائيلي لطالما كانت عنوان أزمة دائماً
في المقابل، تحدّثت المعلومات عن أنّ «حماس» لم تتعمّق كثيراً في تفاصيل المقترح الذي قدّمه بايدن، وسُمي فيما بعد «خريطة طريق» واكتفت بأنها تنظر بـ«إيجابية» لهذه الخطوة، لكن الحركة اشترطت أن تطلّع على المسودة الأصلية لخطة الرئيس الأميركي، قبل الرد عليها بشكل حازم، خاصة أنها اكتفت فقط بالترحيب بإيجابية ما أعلنه بايدن.
وصرّحت مصادر داخل الحركة بأنّ الأفكار لا تكفي، ونحن بحاجة إلى اتفاق كامل، لأن التفاصيل لدى الجانب الإسرائيلي لطالما كانت عنوان أزمة دائماً، سواء في وقف إطلاق النار ورغبة الإسرائيلي بألّا يكون هذا دائماً، أو في الانسحاب ومحاولة الإسرائيلي البقاء في مواقع محددة في قطاع غزة أو حتى في عملية التبادل، مضيفة: ليست هناك مبادرة، الرئيس بايدن تحدث عن أفكار، والأفكار العامة لا تعني الوصول إلى تفاهم.
تجويع وحرمان
وفي سياق حرب الإبادة والتجويع التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يُقارب تسعة أشهر، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن إحصائيات جديدة تظهر آثار الحرب الإسرائيلية على أطفال القطاع، والخطر الداهم الذي يعانون منه بسبب التجويع وسوء التغذية والأمراض، قائلاً: إن أكثر من 3500 طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر الموت التدريجي في قطاع غزة بسبب اتباع الاحتلال
أطفال غزة معرضون لخطر الموت التدريجي بسبب اتباع الاحتلال سياسات تجويع ومنع إدخال المساعدات الإنسانية وسط صمت دولي
الإسرائيلي سياسات تجويع الأطفال، ونقص الحليب والغذاء، وانعدام المكملات الغذائية، وحرمانهم من التطعيمات، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية للأسبوع الرابع على التوالي وسط صمت دولي فظيع، بينما يعاني هؤلاء الأطفال من سوء التغذية بدرجة متقدمة أثرت في بنية أجسادهم، مضيفاً: إن الأطفال في قطاع غزة يحتاجون إلى معالجة جذرية وفورية لكل الأزمات التي يتعرضون لها بشكل ممنهج، كما أنهم بحاجة إلى رعاية نفسية متقدمة بالتزامن مع هول ما عايشوه، فقد استشهد من هؤلاء الأطفال خلال حرب الإبادة الجماعية (15,438)، كما أصيب منهم عشرات الآلاف، وبات أكثر من (17,000) منهم يعيشون دون أحد والديهم أو كليهما.
وحذّر المكتب الإعلامي، المجتمع الدولي والمنظمات الأممية والدولية والمنظمات ذات العلاقة بالطفولة ورعاية الأطفال وكل دول العالم من تدهور واقع الطفولة في قطاع غزة، داعياً الجميع إلى الوقوف عند مسؤولياتهم وإنقاذ الأطفال في قطاع غزة، كما دعا المحكمة الجنائية الدولية وكل المحاكم الدولية الأخرى وكل القضاة الأحرار في العالم إلى ملاحقة مُجرمي الحرب الإسرائيليين والأميركيين والضغط عليهم من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية، وفتح كل المعابر البرية والسماح بإدخال غذاء الأطفال بأنواعه المختلفة.
على المنظمات الدولية الوقوف عند مسؤولياتها وإنقاذ أطفال غزة وملاحقة مُجرمي الحرب الإسرائيليين والأميركيين
اقتحامات في الضفة
إلى ذلك، استهدفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي المناطق الشرقية من بلدة ومخيم جباليا شمال قطاع غزة، وذكر الدفاع المدني في القطاع أنّه انتشل جثث 70 شهيداً وعدداً كبيراً من الجرحى من جراء العدوان الإسرائيلي على جباليا، بالتوازي نفّذت قوات الاحتلال حملة اعتقالات في مدينة دورا جنوب مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، واعتقلت 7 فلسطينيين بعد دهم منازلهم وتفتيشها، كما اقتحمت بلدة حوسان غرب بيت لحم جنوب الضفة الغربية، حيث شنّت حملة اعتقالات واسعة أيضاً.
أما في شمال الضفة، فقد قتحمت قوات الاحتلال فجر اليوم، المنطقة الشرقية من نابلس، بهدف تأمين دخول المستوطنين إلى مقام «قبر يوسف»، حيث اندلعت مواجهات في المنطقة.
واشتبك المقاومون الفلسطينيون مع القوات الإسرائيلية، التي اقتحمت المنطقة برفقة جرافة عسكرية، واستقدمت تعزيزاتٍ عسكريةً كبيرةً إلى المكان، وخلال التصدي استهدف المقاومون قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع أثناء وجودها في بلاطة البلد شرق مدينة نابلس.