انخفاض أسعار الفروج مثير للتساؤلات والشكوك.. مربون يتهمون التهريب و “حماية المستهلك” تفسر والجمارك تنفي..
حماة – محمد فرحة:
قبل حوالي شهر من الآن كتبنا موضوعاً في “تشرين” عن تدني أسعار الفروج والبيض، وليس للمعنيين علاقة أو “منيّة” بذلك، لتثبت وقائع الأيام أن ما أشارت إليه “تشرين” كان دقيقاً وسليماً.
فعندما يصل سعر كيلو الفروج من أرض المدجنة في شهر رمضان وأثناء العيد إلى ٤١ ألف ليرة، وطبق البيض في نفس الفترة إلى ٦٣ ألف ليرة، ويهبط اليوم بشكل متسارع إلى مابين ٢٦ – ٢٨ ألف ليرة لسعر كيلو الفروج و٣١ ألف ليرة لطبق البيض، فهذا مدعاة للتساؤل بكل تأكيد.
مربّي الدواجن مزيد قطان من حماة وأحد المعنيين في شأن الدواجن، أوضح لـ”تشرين”، أن الأسباب تعود للفروج القادم تهريباً وبكميات كبيرة، وكذلك البيض، وصيصان التربية، الأمر الذي أغرق السوق المحلية أو أوجد حالة من التوازن بين الطلب والعرض، وبالتالي أدى إلى هذا الانخفاض الملحوظ في الأسعار.
وأضاف قطان: هناك أسعار التكلفة أقل من أسعار التكلفة عندنا. إذ إن المادة العلفية هناك من منشأ حيواني، أي طحين السمك الممنوع لدينا، فهو يسهم إلى حد كبير في سرعة نمو الفروج وبكلفة أقل، في حين عندنا يقتصر العلف على المنشأ النباتي فقط، كالذرة والصويا والنخالة.
واستطرد بأن للفروج القادم تهريباً “زنخة” واضحة تماماً مقارنة مع الفروج المنتج محلياً، لجهة النكهة والجودة.
وتطرق المربي قطان إلى أن تكلفة التسمين هناك أقل من التكلفة هنا، زد على ذلك سرعة نمو الفروج الذي يختصر المدة الزمنية ليبلغ الوزن المطلوب، والسبب يعود إلى سرعة التحويل من جراء تقديم المادة العلفية الحيوانية، وبالتالي هذه هي أسباب انخفاض سعر الفروج لدينا. فكل كيلو تسمين عندنا يخسر فيه المربي ثلاثة آلاف ليرة قيمة المواد العلفية، وثمن الصوص الذي يصل إلى ١٥ ألف ليرة وثمن الأدوية البيطرية وغير ذلك.
عضو غرفة زراعة حماة أسعد حيدر كان له رأي آخر جاء فيه، أن جلّ مربّي الدواجن كانوا متوقفين عن العمل من جراء الخسائر التي لحقت بهم قبل شهر رمضان وأثناءه، وعندما أدركوا أن سعر الكيلو من أرض المدجنة وصل إلى ٤١ ألف ليرة و أدركوا خروج الفروج من السوق وزيادة الطلب وعادوا للعمل.
وتابع: اليوم مع قدوم الفروج من مناطق مختلفة وبكميات كبيرة وكذلك البيض، أُغرقت السوق، فهبطت الأسعار إلى ٢٦ ألف ليرة للكيلو الواحد في المدجنة، الأمر الذي ألحق الخسائر مجدداً بالمربين، لذلك ربما قد نعود خلال فترة قريبة إلى أزمة الفروج بسبب إحجام المربين عن العمل.
خاتماً حديثه بالمطالبة بتوفير البيئة المناسبة لطرح الفروج المنتج محلياً في السوق المحلية، رغم أن المربي السوري يرضى ويقبل بأي هامش ربح يحققه، وبغير ذلك ستبقى الغلبة لكبار التجار، الذين يسيطرون على السوق المحلية، مشيراً إلى أن البيض القادم من مختلف المناطق دخل إلى المفاقس وأنتج صيصاناً، لا تُعرف ماهيتها.
من جانبه، بيّن مدير حماية المستهلك حماة رياض زيود لـ”تشرين”، أن المربين عادوا بقوة لتربية الفروج عندما لاحظوا أن سعره الفروج قد ارتفع إلى حد غير معقول، فأُغرقت السوق وفاضت، في الوقت الذي ضعفت فيه القوة الشرائية، وهذا ما أدى إلى انخفاض أسعاره في السوق المحلية.
وأوضح زيود أنه إذا ما أردنا الحفاظ على سويّة سوق الفروج، فلا بد من تقدير وتسعير البيع بناء على سعر التكلفة الحقيقية، كي لا يربح المربون يوماً ويخسرون عشرة أيام، وبالتالي يبقى سوق الفروج متذبذباً ومتأرجحاً.
خاتماً حديثه بأنهم يقومون بجولات يومية على أسواق اللحوم لمراقبة حركتها ونظافتها.
ولمزيد من التفاصيل والتقصّي، تابعت “تشرين”حواراتها واستفساراتها، فكانت هذه المرة مع أمين عام جمارك حماة، عدنان أحمد، ففي معرض إجابته على الأسئلة التي تتعلق بدخول الفروج من مناطق شمالية إلى محافظة حماة، ومدينتها تحديداً، أوضح أن دوريات الجمارك موجودة في كافة المفارق والمعابر التي يمكن الدخول منها إلى مدينة حماة، مضيفاً: إن حماة مدينة داخلية، وليست حدودية.
وتساءل: كيف لنا أن نعرف أن الفروج الذي يعبر إلى المدينة قادم من الشمال، وهو موضوع في أقفاص سورية بحتة؟ فمسؤولية جودة الفروج الموجود في السوق ونظافته وسلامته منوطة بمديرية ” التموين” أولاً، ويمكن أن تكون “الزراعة” ثانياً، ونحن نعمل ليلاً ونهاراً، ومتواجدون على المعابر والطرقات، وأي سيارة بها قفص أو أي شيء يدعو للاشتباه نقوم بتفتيشها بشكل جيد للتأكد من موجوداتها.
وضرب مثالاً أنهم أول من أمس قاموا بضبط ومصادرة ٤٠٠ كيلو من اللحوم، فتم تغريم صاحبها بـ١٤٢ مليون ليرة.
وطالب بالتعاون مع الضابطة الجمركية ومد يد العون لها للوقوف سوية في ضبط كل هذه المسائل المثارة وغيرها. وأضاف: أنا لا أنفي ولا أؤكد، فمن ” نفسه” في التهريب لن يتركه، وإن انخفاض أسعار الفروج يعود إلى الظروف الجوية وإيقاف عدة عوامل كانت تشكل تكلفة إضافية، منها التدفئة، ناهيك عن عودة المربين للعمل.
بالمختصر المفيد: المستهلك
للفروج لا يقدر كل هذه المسائل، والمهم عنده أن يكون رخيصاً ومتاحاً، من دون الدخول في هذه التفاصيل، فمسألة تحليل صحة وسلامة الفروج منوطة بالجهات الرقابية تحليلياً ومخبرياً.
في عموم كل الأشياء يمكننا أن نذكر أن واحداً بالمئة من الشك، كثيراً ما كان الحقيقة كاملة، وقد يعود الفروج والبيض هذا الصيف أو بعد أشهر إلى الارتفاع مجدداً من جراء إحجام المربين عن العودة لتربية الفروج، لتبقى “الكرة كرة والسيقان سيقان”