الزراعة تستهلك ٨٥ بالمئة من مياهنا العذبة.. واعتماد الري المتطور باستخدام الليزر يوفر ٢٥ بالمئة منها
حماة – محمد فرحة:
منذ أكثر من عشر سنوات ونحن نسمع عن إصلاح السياسات المائية والتأكيد على الري الحديث ودعم مشاريعه، هذا نظرياً، لكن على أرض الواقع “عبثاً”، فما زالت طرق الري بالراحة للمحاصيل الزراعية تستهلك حوالي ٨٥ % من مياهنا العذبة، وجزء كبير منها يضيع هدراً كفواقد مائية حيناً وبالإهمال حيناً آخر ، من جراء التوجهات الخاطئة، الأمر الذي أوصل زراعتنا إلى ما وصلت إليه اليوم من تراجع. يضاف إلى ذلك العديد من العوامل الأخرى، أقل ما يقال عنها غياب الدعم والتركيز لقطاع يشكل نقطة الثقل لاقتصادنا الوطني.
يأتي كل ذلك من جراء عدم دعم الموارد المائية وحمايتها، فالأمن المائي المستدام اليوم بات محط اهتمام العالم أجمع، ففيه الأمن الغذائي.
مدير موارد حماة المائية الدكتور مطيع عبشي، بيّن لـ”تشرين”، أن الهطولات المطرية دائماً ما كانت تختلف من منطقة إلى أخرى، فسدود الساحل هذا العام بلغت حجم طاقتها التخزينية، في حين سدود المناطق الشرقية دون المستوى المطلوب.
وتطرق عبشي إلى أن إصلاح شبكات الري وأقنيتها كفيل في الحد من الفواقد المائية، مضيفاً: من هذا المنطلق قمنا بتأهيل شبكة ري حمص- حماة، وتأهيلها حفاظاً على المياه المتدفقة من بحيرة قطينة وصولاً إلى آخر حدودها في مجال محافظة حماة.
وزاد مدير موارد حماة المائية بأن سد الرستن تعدت كميات التخزين فيه عن الـ١٥٠ مليون متر مكعب، وما زالت مياهه تتدفق منه في مجرى نهر العاصي وصولاً إلى أقصى حدود سهل الغاب شمالاً، ولدينا فائض بحدود من ٣٠ إلى ٤٠ مليون متر مكعب.
لكن هذا ليس مقياساً، فعملية الهطلات المطرية في عدة أماكن تجاوزت معدلاتها السنوية، وزادت بكثير عن ذلك، في حين حصل العكس في بعض المناطق، فالمسألة نسبية، والحفاظ على الواردات المائية اليوم بات من أولويات التركيز على الأمنين المائي و الغذائي.
في كل الأحوال، ولا زال الحديث للدكتور عبشي، إن فائض الماء هذا العام سيشجع الزراعات التكثيفية وينعش زارعيها، في ظل عدم توافر الطاقة الكهربائية لضخ المياه من الآبار.
من جانبه، بيّن مدير الموارد الطبيعية والبشرية في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتور محمد منهل الزعبي، أن هناك طريقة حديثة جداً وهي الري المتطور باستخدام الري بالليزر الذي يوفر بحدود ٢٥ % من المياه.
وزاد على ذلك بأن هذه التجربة غير مكلفة، وقد تمت تجربتها في مجال الغوطة ودير الزور وحلب، وبعد أشهر سيجري تنفيذها في مجال سهل الغاب، فهي الحل الأمثل في ظل ظروفنا الاقتصادية الصعبة هذه الأيام.
بالمختصر المفيد: باتت إدارة الموارد المائية اليوم في وضع حساس جداً في ظل المتغيرات المناخية المسارعة، فتارة جفاف وتارة ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، ليأتي على المتبدلات المائية الشديدة الخطورة.
في هذه الأثناء ما زال مشروع الري الحديث بين مد وجزر، وما زال المزارعون يشكون صعوبات التمويل وعراقيلها بهدف التحول إلى الري الحديث، ما يهدد طرفي المعادلة، الأمن المائي والأمن الغذائي على المدى البعيد، وهنا لا بد من عودة التركيز على تأهيل السدود التي تشكو من أمور فنية، وسدود الغاب مثال على ذلك.