استثمار مجزٍ على طاولة القطاع الخاص.. زراعة وصناعة التبغ أمام مرحلة جديدة بقوة المرسوم 16
دمشق- رشا عيسى:
يشكل دخول القطاع الخاص على خط الاستثمار في التبغ بموجب المرسوم التشريعي رقم 16 الذي أجاز للقطاع الخاص الاستثمار في صناعة التبغ وشرائه بهدف تصنيعه وتسويقه مصنعاً، أمراً إيجابياً للأطراف كافة؛ بدءاً من المزارعين وتشجيعهم على العودة بشكل أوسع إلى زراعة هذا المحصول المصنف مربحاً، وكذلك يفتح الباب أمام القطاع الخاص لمنافسة الشركة الوطنية وهي المؤسسة العامة للتبغ، المسؤول الوحيد عن زراعة وتسويق وإنتاج التبغ، ما قد ينعكس إيجاباً على جودة المنتج وربما أسعاره والتي تخضع لقوانين السوق من عرض وطلب.
الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش بين لـ”تشرين” أن إشراك القطاع الخاص في مجال استثمار التبغ من حيث التصنيع والتسويق وربما التصدير لاحقاً يعد خطوة ذات أهمية كبيرة لتعزيز دور هذا المحصول ودخوله بشكل أكبر في دعم الاقتصاد الوطني، فنحن نعلم ولا يخفى على أحد الأهمية الاقتصادية الكبيرة للتبغ كمحصول رابح ومساهم في التجارة الداخلية، وربما الخارجية في القريب العاجل.
وأوضح درويش أن التبغ هو المحصول الاستراتيجي المتبقي من بين بقية المحاصيل الاستراتيجية الأخرى التي لا تزال زراعته وإنتاجه وتسويقه، لحد ما، على ما يرام وذلك خلال سنوات الأزمة السابقة وفي الظروف الراهنة، والمرسوم الصادر فيما يخص السماح للشركات الخاصة بالاستثمار في مجال صناعة التبغ وتسويقه، يفتح الباب أمام القطاع الخاص لمنافسة الشركة الوطنية وهي المؤسسة العامة للتبغ، المسؤول الوحيد عن زراعة وتسويق وإنتاح التبغ، ما قد ينعكس إيجاباً على جودة المنتج وربما أسعاره للمستهلك لاحقاً، وهذا الذي يخضع بدوره لقوانين السوق من عرض وطلب.
وما سبق يشكل عاملاً دافعاً أمام الكثير من مزارعينا في العودة وبقوة لهذا المحصول، والتي تراجعت مساحاته المزروعة وكمياته المنتجة وبشكل ملحوظ خلال السنوات السابقة، والأسباب كثيرة ومنها تكاليف العملية الإنتاجية والسياسة التسعيرية والتسويقية التي كانت متبعة من قبل المؤسسة العامة للتبغ، وفقاً لدرويش، الذي تساءل إن كان المرسوم رقم 16 سيفسح المجال للزراعة الحرة المفتوحة لهذا المحصول، أي وفقاً لرغبة المزارعين وما قد يلقونه من تحفيزات تشجيعية، أم سيبقى التبغ من حيث العلميات المتعلقة بزراعته وإنتاجه واستلامه مرتبطاً بالمؤسسة العامة للتبغ؟.
وأشار درويش إلى أهمية أن تأخذ المؤسسة إمكانية النظر وبشكل دوري بدراسة تكاليف الإنتاج وطرح نشرات تسعيرية لاستلام المحصول مناسبة تتوافق وواقع إنتاجه، حيث إن وجود شركات خاصة منافسة لها قد يؤثر في استلام الإنتاج، وربما يقود لتسويقه بشكل منفرد من قبل كثير من المزارعين في السوق الرديفة وبأسعار تحقق لهم ربحية عالية.
وبين درويش أنه ومن خلال المتابعة ولسنوات سابقة لهذا المحصول من إنتاجه إلى وصوله ليد المستهلك، يمكن التنبؤ بأن زراعة التبغ ستلقى رواجاً عالياً لدى كثير من مزارعينا المحليين بالنظر لما ستتطلبه عمليات التصنيع من قبل المستثمرين، هذا بدوره قد يكون ذا تأثير ما على القدرة التشغيلية والتصنيعية للمؤسسة العامة للتبغ فيما لو خرجت زراعة هذا المحصول من تخطيطها السنوي، أما وأن المؤسسة هي المخطط للزراعة والإنتاج وربما الكميات المسوقة للشركات الخاصة من التبغ الخام، فستكون هي المساهم الأساسي والفاعل في رسم خريطة إنتاج محصول التبغ الاستراتيجي كماً ونوعاً.
ويجب هنا أن لا يغفل المستثمرون لهذا المحصول في القطاع العام أو الخاص عن تفعيل دور البحث العلمي في تطوير زراعة التبغ وزيادة جودته باستمرار، سواء بتحسين الأصناف المحلية المتأقلمة مع البيئة السورية، أم عبر إدخال أصناف جديدة وأقلمتها محلياً، فالمنتج المصنع محلياً لابد من أن يكون بموصفات قياسية عالية كي يستطيع المنافسة في أسواق الدول المجاورة عند التصدير، وهذا يفتح الباب أمام الشركات المستثمرة للاستعانة بالخبرات المحلية والأكاديمية وزيادة مقدار الدعم المخصص وتنفيذ الأبحاث وبشكل مشترك بما يعود بالفائدة العلمية والزراعية والإنتاجية والتسويقية على جميع العاملين بهذا القطاع.
وكان المرسوم التشريعي رقم (16) لعام 2024 أجاز للقطاع الخاص الاستثمار في صناعة التبغ وشرائه بهدف تصنيعه وتسويقه مصنعاً.
ويهدف المرسوم الصادر أمس الأحد إلى فتح الباب أمام القطاع الخاص للدخول في استثمار التبغ بشكل محوكم ومدروس ومخطط، نظراً لما يمتلكه هذا القطاع من مرونة وخبرة تساعد في تجاوز بعض المعوقات التي تؤثر في استثمار هذه الصناعة من خلال القطاع العام الاقتصادي.
ويحقق المرسوم فائدة للمزارعين كما يحقق تطويراً لهذه الصناعة عبر خلق بيئة تنافسية محوكمة في عمليات الشراء والتصنيع والتسويق.