العدوان الإسرائيلي على غزة يدخل شهره الثامن.. تضارب وتعثّر في المسار التفاوضي.. الكيان بلا استراتيجية بمواجهة المقاومة وتصعيد مستمر على جبهة الشمال
تشرين- هبا علي أحمد:
بعد غدٍ الثلاثاء يدخل العدوان الإسرائيلي على غزة شهره الثامن، وسط مراوحة في المكان، إلا أن المقاومة في الداخل الفلسطيني وفي جبهات الإسناد الإقليمية تزداد صموداً وثباتاً ومقاومة وإيلاماً للعدو وفي كل مستوياته، فالجبهة الشمالية «شمال فلسطين المحتلة مع جنوب لبنان» تكاد تخطف الأنظار عن مجريات غزة لما تمثله من مصدر رعب وهلع للكيان ومستوطنيه.. والجبهة اليمنية امتدت واتسعت لتشمل البحر الأبيض المتوسط.. أما الجبهة العراقية فتواصل قولها وفعلها في دكّ مواقع العدو.. وعلى الجبهة الدولية خطف الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية والأوروبية الأضواء دعماً ومساندة لفلسطين وتنديداً بالعدوان الصهيوني على غزة، وعرّى زيف «الديمقراطيات والحريات» الأميركية والغربية.
المقاومة في فلسطين وفي جبهات الإسناد الإقليمية تزداد صموداً وثباتاً ومقاومة وإيلاماً للعدو وفي كل مستوياته
في المقابل مع كل شهر يمر يزداد المشهد تعقيداً وغموضاً، فالعدو وداعموه يبحثون عن صورة «نصر» واهٍ، وما المماطلة والتسويف في المفاوضات إلا من الباب ذاته.. باب البحث عن «نصر» أو الحصول على تنازل ما.. وعليه فإن الجولة الراهنة من المفاوضات بين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال مصيرها كما سابقتها الفشل مادام وقف إطلاق النار ليس على طاولة البحث، أي إن العدوان مستمر ليس لشهر ثامنٍ فحسب، بل لأشهر إلا إذ قرّر الأميركي بحث أولويات أخرى تستدعي إيقاف العدوان، عندها فقط يتغير المشهد، إذ إن القرار أميركي أولاً وأخيراً.
عقبات كبيرة
المشهد في سياق المفاوضات متضارب بين حصول تقدم إيجابي وبين عدم وجود أي تقدم، على أنه مادام العدو يرفض إعطاء ضمانات للوسطاء بشأن إيقاف الحرب على غزة، فإن المشهد لم يتغير ولم يتقدم.. حال من الجمود تحكم المسار التفاوضي ويتضح أن بثّ إشارات التفاؤل التي تصدر عن عدة جهات تبدو مخادعة، إذ إنّ حركة «حماس» تُصرّ على أن تكون نهاية الحرب مكتوبة في أي اتفاق يتم التوصل إليه ولا تكتفي بضمانات فقط.
وقال مصدر مصري تعليقاً على جولة المفاوضات في القاهرة: إنّ الكرة الآن في ملعب «إسرائيل»، مضيفاً: «حماس» تُريد توضيحات بشأن بعض البنود التي وردت في الاتفاق.
مع كل شهر يمر يزداد المشهد تعقيداً وغموضاً.. العدوان مستمر ليس لشهر ثامنٍ بل لأشهر إلا إذ قرّر الأميركي بحث أولويات أخرى تستدعي إيقاف العدوان فالقرار له أولاً وأخيراً
ولفت إعلام العدو إلى أنّ المحادثات تستمر بين «حماس» والوسطاء، اليوم الأحد، بهدف مُحاولة التوصّل إلى اتفاق.
وفي وقت سابق أفادت مصادر في المقاومة الفلسطينية بأنّ المفاوضات تواجه عقبة كبيرة بسبب رفض الاحتلال الإسرائيلي الالتزام بوقف إطلاق النار بصورة دائمة، في حين تصرّ المقاومة على أنّ لا اتفاق من دون نصٍّ صريح على وقف إطلاق النار.
يأتي ذلك بعد أن أكد مصدر قيادي في الفصائل الفلسطينية أنّ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وقادة الاحتلال يُفشلون المفاوضات على الدوام، لافتاً إلى أنّ نتنياهو مُتعنّت وغير مهتم بعودة أسراه، ولا بمطالب عائلاتهم، ويتحدى العالم لمواصلة حرب الإبادة الجماعية.
المماطلة من العدو واضحة، إذ نقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم: إن «الوصول إلى أي اتفاق بشأن وقف مؤقت لإطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، قد يتطلب مفاوضات إضافية لمناقشة التفاصيل الدقيقة، والتي من المتوقع أن تستمر أياماً عدة وقد تكون صعبة وطويلة، بينما تتوقع «إسرائيل» أن يستغرق إتمام الصفقة ذاتها نحو أسبوع.
«إسرائيل» وصلت إلى طريق مسدود في غزة وكان نتنياهو يأمل أن ترفض «حماس» العرض وقام بتخريبه عندما أدرك أنه سيتعين عليه أن يفي بكلمته
الأهداف الإسرائيلية بعيدة المنال
اللافت ما تسربه وسائل إعلام العدو وتتحدث عنه وما يتحدث به مسؤولون في كيان الاحتلال، إذ قال المسؤول السابق لملف الأسرى الإسرائيليين يارون بلوم: لا أقبل قول نتنياهو بأن «حماس» ليست جادة، لقد رأينا اثنين من كبار مسؤوليها يصلان إلى القاهرة، هي تحاول التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، و«إسرائيل» لا تُريد، في حين قالت صحيفة «هآرتس»: كان نتنياهو يأمل أن ترفض حماس العرض، وقام بتخريبه عندما أدرك أنه سيتعين عليه أن يفي بكلمته، بينما أشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أنّ المسؤولين الأمنيين والعسكريين توصلوا إلى استنتاج بأن «إسرائيل» وصلت إلى طريق مسدود في غزة.
وتناولت وسائل إعلام العدو الوضع الميداني في المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي مؤخراً، حيث برزت من جديد قدرة «حماس» على الإمساك بالإدارة المدنية بشكلٍ سريع وقوي في آن، الأمر الذي يجعل الأهداف الإسرائيلية بنزع سلطة «حماس» من القطاع عناوين بعيدة المنال، وقالت تلك الوسائل: حركة «حماس» تعود إلى القطاع بعد أن انسحبت أغلبية قوات الجيش الإسرائيلي منه باستثناء ممر نيتساريم، معيدةً ذلك إلى غياب استراتيجية أو قوات عسكرية بين رفح والممر، وتابعت: مقاتلو «حماس» عادوا للتحرك كما يريدون ولا يوجد أي ضغط عليهم، ولا توجد قرارات ولا يقترحون أي حل لقيادة بديلة ولهذا الفراغ الذي تعود إليه «حماس».
واللافت أيضاً في السياق أن المسار التفاوضي بات ملازماً لمسار معركة رفح الذي يتعنّت العدو في البدء بها من دون تحديد موعدها بدقة، وكل ما يصدر حول الموضوع هو عبارة أنها «باتت وشيكة» وهذا المسار بات حاجة للعدو، حيث ينظر إليه على أنه ورقة «قوة وضغط» بيده، إذ صرّح مسؤول في كيان الاحتلال بالالتزام باقتحام مدينة رفح جنوب قطاع غزة، رغم كل التحذيرات الدولية الرافضة لذلك، نظراً لازدحام المدينة بأكثر من مليون ونصف مليون نازح من الفلسطينيين.
وعن رفح, أقرّ الرئيس السابق للدائرة السياسية – الأمنية في ما يسمى «وزارة الأمن» في الكيان اللواء احتياط عاموس غلعاد بأنّ دخول رفح لا يضمن استعادة الأسرى، وهذه ليست استراتيجية، ولا توجد استراتيجية لدينا، فبعد أكثر من ستة أشهر على القتال لا يزال السنوار موجوداً ويضع شروطًاً ونحن ما زلنا ننتظر ردّه، هذه نتيجة غياب الاستراتيجية، مشدّداً على أنه في حال دخول رفح من دون تنسيق مع المصريين والأميركيين، فإنك لن تضع حلًا بذلك للجبهة الشمالية، وستكون هناك حرب متواصلة ستمتد إلى أنحاء «إسرائيل» كلها، وسنخسر الحلف الاستراتيجي والقدرة على مواجهة التهديد المركزي، في إشارة إلى إيران.
استمرار حزب الله و«حماس» بالوتيرة نفسها سيؤدي حتماً إلى دمار «إسرائيل» عسكرياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً
تصعيدٌ مرتقب
يترقب كيان الاحتلال تصعيداً متجدّداً على جبهة جنوب لبنان.. هذه الجبهة التي أربكت العدو وحساباته وزادت من معضلاته الاستراتيجية، ويرى جلعاد أنّ استمرار حزب الله و«حماس» بالوتيرة نفسها سيؤدي حتماً إلى دمار «إسرائيل» عسكرياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
وبُعيد ارتقاء 3 شهداء وإصابة 5 مدنيين في حصيلة نهائية للعدوان الإسرائيلي على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان أُعلنت في كيان العدو حالة «تأهب دفاعية» للتعامل مع القصف المتوقع في منطقة الحدود الشمالية، ليأتِي الرد سريعاً إذ أطلقت صليات صاروخية من لبنان باتجاه أصبع الجليل ونحو «كريات شمونة» وجوارها.