الرؤية المستقبلية للدعم الزراعي في ندوة تفاعلية بين الزراعة والبحث العلمي
دمشق– ماجد مخيبر:
أقامت الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بالتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي اليوم ندوة حوارية تفاعلية تحت عنوان “الدعم الزراعي والسيناريوهات المستقبلية” في مكتبة الأسد بدمشق، هدفها تسليط الضوء على مزايا وعيوب أشكال الدعم ومراجعة السياسات الحالية للدعم الزراعي وتقديم مقترح كمقدمة لإطار وطني لإصلاح وتطوير الدعم الزراعي وآليات رصده وتقييمه ووضع أولوياته.
تحقيق الأمن الغذائي
وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا أكد أن الحكومة مستمرة بتقديم الدعم للقطاع الزراعي لأنه رافد للاقتصاد الوطني والتصدير والتصنيع وداعم للمواطن لتحقيق الأمن الغذائي واحتياجاته الغذائية ويحقق استقرار الفلاحين في أراضيهم واستمرارهم بزراعتها واستقرارهم في المناطق الريفية، لافتاً إلى أهمية تحديد آليات ومنظومة جديدة للدعم الزراعي.
قطنا: التركيز على الدراسات البحثية الاقتصادية والخروج بمقترحات يمكن تطبيقها
وأشار الوزير إلى أهمية الندوة كونها تأتي كنتاج لحوارات ولقاءات واجتماعات ودراسات قامت بها مختلف الجهات البحثية لتحديد ملامح الدعم الزراعي وتوصيفه وأساليبه وغاياته ومستقبله، قائلاً: الهدف النهائي هو الوصول إلى فكر منظم ورأي موحد يحدد أهداف وغايات وأشكال الدعم والتركيز على الدراسات البحثية الاقتصادية ومعرفة دور القطاع الخاص للخروج بمقترحات يمكن تطبيقها على أرض الواقع.
وشدد قطنا على أهمية القطاع الزراعي كونه قطاع رافد للاقتصاد السوري ورافد للتصنيع والتصدير وداعم للمواطنين في تحقيق الأمن الغذائي واحتياجاتهم الغذائية فالدعم الزراعي يحقق استقرار الفلاحين في أراضيهم ويؤسس لاستمرارهم في الاستثمار الزراعي هذا الاستثمار الذي يحقق ريعية جيدة للريفيين ويدعم استقرارهم في المناطق الريفية بشكل عام.
إبراهيم: أهمية التشبيك بين كافة الجهات البحثية للوصول إلى نتائج موحدة
التشبيك بين الجهات البحثية
وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم بين أنه من الضروري التركيز على الصعوبات ونقاط الخلل التي تواجه عملنا سواء في التعليم أو الزراعة من خلال هذه الندوات الحوارية التي تسلط الضوء على موضوع الدعم والسعي لتطوير عملنا بما يخدم مصلحة المواطن، لافتاً إلى أهمية التشبيك بين كافة الجهات البحثية للوصل إلى نتائج موحدة تخص هذا القطاع.
بدوره مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي الدكتور مجد الجمالي عرض رؤية الهيئة للدعم الزراعي وتوصيف هذا القطاع، مشيراً إلى أنه تم تشكيل لجنة خبراء قامت بدراسة التجارب العالمية وواقع القطاع الزراعي في سورية وخلصت إلى وثيقة سيتم تقديمها إلى الجهات المعنية، مضيفاً وجوب التركيز على الدعم الموجه وما هي المنتجات والمحاصيل التي يجب أن ندعمها في هذه الأوقات التي تمر بها البلاد كما يجب تعزيز مفهوم الرقمنة من أجل الحصول على بيانات دقيقة تبنى عليها المؤشرات التي يستفيد منها صناع القرار، مع الاستفادة من كافة الموارد الطبيعية وتخفيض الهدر ومستلزمات الإنتاج والاستفادة من كافة الموارد الطبيعية.
توجيه الدعم
من جانبه أوضح مدير عام الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتور موفق جبور أن الندوة هي من المواضيع الهامة جداً وليست بالموضوع السهل وتحتاج الى دراسة وتعمق كبير والهدف من الندوة هو إلقاء الضوء على مفاهيم الدعم والإشكاليات المرتبطة به في التجربة السورية مع الاطلاع على التجارب الأخرى والاستفادة منها لإعادة توجيه الدعم بحيث يصبح استثماراً حقيقياً في القطاع الزراعي أو في غيره من القطاعات.
وأضاف جبور: بالتالي ركزنا على موضوع توجيه الدعم وتحديد غاية الدعم أو الهدف منه فالدعم هو أداة وليس هدف بحد ذاته وما هي الشروط التي يجب أن يطبقها المستفيدون حتى نصل إلى الغاية المنشودة مع ربط الدعم ببرنامج زمني مع التقييم المستمر حتى نصل إلى النتيجة المطلوبة من موضوع الدعم.
الخبير في الشأن الاستثماري ومعاون مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي عبد الكريم خليل قال خلال الجلسة الحوارية: إن موضوع الدعم ذو بعدين الأول اجتماعي، والثاني اقتصادي لأغراض زيادة الإنتاج، ولا خلاف بيننا على ذلك، مما يقتضي التساؤل المشروع هل يحقق الدعم أغراضه في الحالتين الاجتماعية أو الاقتصادية، ففي حالة الدعم لأغراض اجتماعية يجب أن ندعم المنتج النهائي.
لافتاً إلى أن عدم وصول الدعم لمستحقيه مرده للفساد مما ينبغي البحث عن سبل كفيلة بتقييده، وفي حالة الدعم لأغراض اقتصادية والكلام لايزال لخليل يجب أن يتركز الدعم على مدخلات الإنتاج ومستلزماته وليس على المنتج النهائي، على أمل أن يحقق الدعم هنا غايته في زيادة الإنتاج وتطوير نوعيته أو حتى الحفاظ على أسعاره بشكل يتوافق مع القوة الشرائية للمستهلكين، كما أنه هناك اتفاق عام بأن عدم وصول الدعم لمستحقيه مرده للفساد مما ينبغي البحث عن سبل كفيلة بتقييد الفساد وكبح جماحه ما أمكن ذلك.
كما أشار خليل إلى أنه من خلال مزارعي الحمضيات والخضار الشتوية المحمية (بندورة- خيار – فليفلة) والزيتون في المنطقة الساحلية، تبين لنا أنه بالنسبة للحمضيات والخضار فإن الدعم الأساسي الذي يتم تلقيه هو المازوت المدعوم وبكميات قليلة جداً في ضوء الحيازات الزراعية المسجلة لدى الدوائر المختصة والجمعيات التعاونية والمساحات المزروعة منها، وتحديداً للاستخدام في الري، حيث الحاجة ماسة لتشغيل المولدات وأيضاً لزوم استخدام الجرارات للحراثة، مع العلم أنه تم خلال العام الفائت أتمتة عملية الحصول على المحروقات من خلال البطاقة الذكية ويتم استخدامها هذا العام، لكن المعاناة بعدم وجود عدالة بكيفية التوزيع، إذ ترد الأسماء حسب التسلسل الأبجدي على سبيل المثال ومن يأتي بالمقدمة يأخذ كامل حصته، بالوقت الذي يتوجب فيه على الآخرين الانتظار لحين تأمين المادة، والمشكلة أن جميع المزارعين يلجؤون للسوق السوداء للحصول على المادة المتوفرة بطبيعة الحال لأغراض أخرى، (مع ملاحظة أن الأرض التي تستفيد من أقنية جر الري الحكومية مستثناة من الحصول على مازوت الري المدعوم)، كما أن (الأسمدة) بالمطلق غير مدعومة وهي تباع بالأسعار الرائجة (دعمها فقط هو بإمكانية تأمينها..!!) والزيتون الدعم له معدوم تماماً.
وختم خليل بالتنويه بأن الإجراءات الخاطئة (غير الدعمية) هي المشكلة وهي التي تسبب بانخفاض أسعار المنتجات الزراعية التي لا تتسوقها الدولة إلى مادون التكلفة والمرحلة الحالية لم تتجاوز عملية الاستجابة للاحتياجات الأساسية من خلال العملية الإنتاجية وهي مرحلة الإغاثة كما عرفها البرنامج الوطني التنموي لسورية ما بعد الحرب.
وقد تمحورت الندوة حول مجموعة من الأسئلة تضمنت ماهية الإنحرافات ومظاهر الهدر والفساد الحاصلة، وهل يجب تغيير أشكال الدعم وما هي الأهداف والغايات؟، وهل ندعم مستلزمات الإنتاج أم المنتج النهائي وفرص النجاح والفشل؟، وكيف يمكن ايصال الدعم للمنتجات التي تتسوقها الدولة؟.