بايدن وحديثه عن دخول الحرب الموسعة.. هل هي إشارة أولى وموافقة أميركية على «رد» إسرائيلي؟.. الترقب يتركز على لبنان والأيام المقبلة حاسمة
تشرين – مها سلطان:
أربعة تطورات لافتة أفرزها مسار اليومين الماضيين، سيكون لاثنين منها على الأقل امتداداتهما اللاحقة باتجاه توسيع عملية التصعيد، ليس فقط على مسار انتظار الرد الإسرائيلي، بل على جبهات أخرى، خصوصاً لبنان (ودائماً نستخدم كلمة الرد مجازاً مع الكيان الإسرائيلي، فلا حق ولا ردّ لكيان إرهابي).
– التطور الأول
نبدأ بأول التطورات المتعلقة بالرد الإسرائيلي، ومفاده ما صرح به الرئيس الأميركي جو بايدن حيال موقف الولايات المتحدة في حال اتساع التصعيد بين إيران والكيان الإسرائيلي باتجاه المواجهة «أي الحرب».
بايدن قال في مقال مع صحيفة «وول ستريت جورنال»: «الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا صعّدت إيران هجومها على إسرائيل بشكل واسع وقد تنجر واشنطن إلى هذه المواجهة.. إيران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بذلك»، وأضاف: «إسرائيل أقوى شريك لنا في المنطقة ولن نقف مكتوفي الأيدي إذا تعرضت للهجوم».
هذه التصريحات هي ما كان ينتظره الكيان الإسرائيلي، فهي تجيب عن كل ما قبلها لناحية التصريحات الأميركية التي كانت تؤكد حتى يوم أمس أن واشنطن لا ترى مصلحة لها ولا لـ«إسرائيل» في الحرب الموسعة، وأنها تضغط في سبيل عدم حصول رد إسرائيلي، وتوفد إليها المبعوثين لإقناعها بعدم الرد، أو الرد بشكل محدود جداً وبما لا يستدعي رداً إيرانياً كبيراً. علماً أنه وطوال الأسبوع الماضي، كانت كل التصريحات الأميركية والأوروبية تشير إلى أن الكيان سيرد حتماً، من دون تحديد التوقيت أو الأهداف، في حين أن التحليلات نحت باتجاه رد غير مباشر، أي رد يستهدف إيران في سورية مثلاً، أو حتى مهاجمة لبنان في سبيل جره بمواجهة غير مباشرة، أي مواجهة يكون ميدانها طرف ثالث، وبما يسحب من إيران أحقية الرد «على الرد».
أربعة تطورات بامتدادات لاحقة.. اثنان منها سيحددان إلى درجة كبيرة مسار التصعيد وجبهاته ودائماً كل السيناريوهات متوقعة
وعملياً يمكن للكيان الإسرائيلي أن يعتبر تصريحات بايدن نوعاً من الضوء الأخضر، ففي النهاية مهما كان قرار الكيان، ومهما كانت نوعية الرد وخطورته لناحية إشعال حرب موسعة، فإن الولايات المتحدة ستكون في جبهة واحدة مع الكيان، مهما كانت العواقب عليه وعليها.
وحسب موقع «أكسيوس» الأميركي، فإن الكيان كان بصدد تنفيذ الرد يوم الإثنين الماضي لكنه تراجع في اللحظات الأخيرة، وقرر الانتظار، من دون ذكر الأسباب.
ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين كبار في إدارة بايدن إبلاغهم مسؤولين إسرائيليين بأنه إذا ما قرر الكيان الرد فإن إدارة بايدن تأمل بأن يكون محدوداً قدر الإمكان.
وحسب مسؤول أميركي، فإن واشنطن غير متأكدة من سبب الانتظار، أو مدى قرب الإسرائيليين من قرار الرد.
وكان مسؤولون إسرائيليون قالوا: إن الانتظار يعود «لأسباب عملياتية»، ونقل «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي قوله: إن قرار الرد اتخذ، لكن مسار التنفيذ وتوقيته ما زالا مفتوحين.
وفي قراءة المحللين، فإن هذا الرد لن يكون ببعيد، وهو متوقع في أي يوم، أما مسألة التهديد الذي يشكله لناحية الحرب الموسعة، فإن ذلك يعتمد بشكل كبير على حجمه ومكانه، وإن كان مسار التطورات في المنطقة بالعموم يتدحرج باتجاهها.
– التطور الثاني
يتمثل في التصعيد اللافت «المتبادل» خلال اليومين الماضيين على الجبهة الشمالية/ لبنان، وهو تصعيد سمته الأساسية اتساعه باتجاه العمق، مع ميل ميزان القوة لمصلحة المقاومة اللبنانية/ حزب الله، رغم ما ينفذه الكيان من عمليات اغتيال وقصف.
وفي قراءة المحللين العسكريين فإن حزب الله يُطبق أكثر فأكثر على جبهة الشمال، على مستويي العمليات العسكرية والاستخباراتية، وفي الكيان يعترفون بهذا الواقع، وأحدث الاعترافات أطلقها موشيه دافيدوفيتش، رئيس ما يسمى منتدى خط المواجهة الإسرائيلي، حيث قال: إن «إسرائيل» فقدت الجزء الشمالي منها، مضيفاً: حكومة نتنياهو ليست موجودة في مستوطنات الشمال، لا نزال في حالة من الضياع والفقدان لـ«الشخصية الإسرائيلية».
«الرد» بين الممكن إسرائيلياً والتمنيات الأميركية.. انتظار وترقب وشبح الحرب المتعددة الساحات يخيّم مجدداً على المنطقة
وأضاف: رغم مرور ستة أشهر كاملة على حربنا على قطاع غزة، وعلى المواجهة مع حزب الله في الشمال، فإن إسرائيل فقدت مستوطناتها هناك.
هذا الاعتراف الجديد يأتي بعد الهجوم النوعي الذي شنه حزب الله أمس بالصواريخ والمسيّرات الانقضاضية على مواقع إسرائيلية رداً على اغتيال عدد من مقاوميه.
وهذا الهجوم الذي أصاب 22 جندياً للاحتلال، تم اعتباره من متزعمي الكيان، أنه الأكثر خطورة منذ بدء الحرب حتى الآن، وفق ما نقلت عنهم القناة 14 الإسرائيلية، موضحة أن هناك «حالة من التعطل في الدفاع الجوي الإسرائيلي أثناء الهجوم»، هذا عدا أن حصيلة الهجوم القابلة للارتفاع أثارت ذعر متزعمي الكيان، الذي ربطوا هذه العمليات النوعية للمقاومة والآخذة بالاتساع، بالرد الإيراني من جهة، وبعملية إظهار القوة من جهة ثانية.
هذه العمليات لحزب الله، إذا ما استمرت واتسعت، فإن جبهة غزة تكون قد انتقلت إلى مرحلة جديدة في مسار ما يسمى الحرب المتعددة الساحات.
– التطور الثالث
يتمثل في عودة رفح إلى الواجهة، وذلك بعد التصريحات الإسرائيلية الأخيرة بأن الهجوم عليها بات قريباً، وحسب القناة 14 الإسرائيلية فإن سلطات الكيان ستبدأ قريباً بعمليات إجلاء للفلسطينيين من رفح، وأن الهجوم سيبدأ بعد انتهاء العملية الإسرائيلية في مخيم النصيرات.
تأتي هذه العودة في ظل تسريبات جديدة وتوافقات من نوع ما «إقليمية» حيال مسألة الهجوم على رفح، التسريبات لم تقل الكثير باستثناء أن هذا الهجوم بات ممكناً.
وكان هذا الهجوم مقرراً قبل نحو أسبوع، وتم تأجيله بعد الرد الإيراني ليلة 14 نيسان الجاري، حيث يغرق الكيان من وقتها في مناقشات ومجادلات لا تنتهي حول الرد على الرد.
ولا يخفى ما يمثله الهجوم الإسرائيلي من مخاطر إقليمية تسعى واشنطن إلى تجنبها خصوصاً مع الجانب المصري، وما يتعلق بترتيبات اتفاقية «كامب ديفيد» السياسية والجغرافية والعسكرية. ومن المتوقع، حسب المراقبين، ألا يتجاوز هذا الهجوم «الخطوط الحمراء» فالكيان (وأميركا بطبيعة الحال) بغنى عن أزمة أخرى تضعف مواقفه وتشل قدرته على التصعيد، وبما يوسع هزائمه على جبهة غزة.
لبنان يتقدم في عمليات نوعية ضد الكيان واعترافات إسرائيلية بخسارة الشمال جبهة ومستوطنات.. ولا بد من الهروب مجدداً باتجاه رفح
– التطور الرابع
يتمثل في جلسة مجلس الأمن الدولي المقررة اليوم (وربما تؤجل للغد) والمخصصة للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، وتهديد الولايات المتحدة باستخدام الفيتو.
مصادر دبلوماسية تحدثت عن إمكانية تأجيل الجلسة إلى يوم غدٍ لمزيد من المداولات (وبعبارة أدق لمزيد من الضغوط الأميركية على الأعضاء) حسب وكالة «فرانس برس»، مشيرة إلى أنه بغض النظر عن المداولات والتأجيل فإن النتيجة محسومة، والتصويت سيسقطه الفيتو الأميركي.
وكانت السلطة الفلسطينية قد دعت مجدداً في مطلع نيسان الجاري، مجلس الأمن للنظر في الطلب الذي قدمته منذ عام 2011 لنيل العضوية الكاملة، لكن الولايات المتحدة أكدت دائماً رفضها لذلك.
وليتم قبول عضوية دولة في الأمم المتحدة لا بد من قرار يصدر من الجمعية العامة بأغلبية الثلثين، ولكن بعد توصية إيجابية من مجلس الأمن يجب أن يوافق 9 على الأقل من أعضاء المجلس الـ15 وبشرط ألا تستخدم أي دولة دائمة العضوية حق النقض/الفيتو.
ووفقاً للسلطة الفلسطينية، فإن 137 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة اعترفت حتى اليوم بدولة فلسطين.
وفي 11 نيسان الجاري فشل أعضاء مجلس الأمن الدولي في التوصل إلى توافق حول عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.
مع ذلك، ورغم الفيتو الأميركي المتوقع، فإن الجلسة تعد تطوراً إيجابياً لمصلحة الجانب الفلسطيني، هذا عدا أنه – حتى لو فشلت الجلسة المرتقبة اليوم أو الغد – فإن التطورات بالمجمل تسير باتجاه حصول فلسطين على هذه العضوية، وأن هذه المسألة في المرحلة اللاحقة لن يحسمها الفيتو الأميركي بل تطورات جبهة غزة وامتداداتها.
– 14 ألف طفل شهيد
وفيما وصل عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ سبعة أشهر تقريباً، إلى 34 ألف فلسطيني، مع عشرات آلاف الجرحى والمفقودين، ومئات آلاف النازحين والمشردين، أعلنت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» كاثرين راسل، أن أكثر من 13800 طفل في قطاع غزة قتلوا منذ بدء الحرب، وأضافت خلال مؤتمر صحفي في نيويورك أمس، حسب بيان لمنظمتها: لقد أصيب الآلاف، وهناك آلاف على شفا المجاعة.
وفي بيان منفصل قالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة: إن طفلاً واحداً يصاب أو يقتل كل 10 دقائق في غزة.
ويوم الثلاثاء الماضي، قالت المتحدثة باسم «اليونيسيف» تيس إنغرام التي زارت غزة مؤخراً: إن ما صدمها هو عدد الأطفال الجرحى الذين رأتهم، مضيفة: ليس في المستشفيات فقط، بل في الشوارع، والملاجئ المؤقتة حيث يعيشون حياتهم بشكل دائم.