المنطقة في مواجهة أيام مصيرية عاجلاً أم آجلاً.. جبهات إسناد المقاومة تعطي أول إشارة: الرد آت على توقيتنا زماناً ومكاناً
تشرين – هبا على أحمد:
ما زالت المنطقة تسير على وقع ترقب الرد الإيراني على العدوان الصهيوني الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق الإثنين الماضي، في ظل مروحة واسعة من الخيارات والتساؤلات التي تمحورت منذ اليوم الأول حول الطبيعة والمكان والزمان، وبالتالي فإن كل الاحتمالات واردة، مع تساؤلات ذات صلة إن كان سيكون الرد عاجلاً أم مؤجلاً، بمعنى على التوقيت الإيراني المضبوط، وبالتالي أيضاً على توقيت محور المقاومة باعتبار أن كل المحور سيكون معنيّاً بالرد ومتوحداً خلف أي معركة من أي نوع.
وربما أولى الإشارات التي بعث بها هذا المحور أتت سريعاً أمس من خلال احتفال أقيم في الضاحية الجنوبية في بيروت ضمن فعاليات «يوم القدس العالمي» الذي يوافق غداً، وجرى خلاله بثّ كلمات مسجّلة لقادة أطراف محور المقاومة، الأمين العام لحزب الله في لبنان السيد حسن نصرالله، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، وقائد حركة «أنصار الله» في اليمن عبد الملك الحوثي، تركّزت على ما أظهرته عملية «طوفان الأقصى» والحرب على غزة من قوة للمقاومة الفلسطينية.. وفي هذا إشارة لافتة وتأكيد واضح أن المقبل من الأيام قد يكون مصيرياً مهما تأجل وأن وحدة المقاومة لن تتأثر مهما بلغت اعتداءات الكيان ومهما كانت التضحيات.. أما عن الكيان الصهيوني فهو يقف عاجزاً مترقباً، إذ إنه يدرك أن الرد آتٍ لا محالة لكنه يترقب درجة الإيلام وإلى أي مدى ستصل.
الكيان الصهيوني يقف عاجزاً مترقباً الرد الإيراني الآتي لا محال ويترقب إلى أي مدى ستصل درجة الإيلام مع بقاء حديث الحرب الإقليمية حاضراً
في خضم كل ذلك يبقى حديث الحرب الإقليمية حاضراً، لكن لم يتحدد بعد الموعد وشارة البداية ومن يبدأ.. كل التساؤلات مرهونة بكل التفاصيل الكبيرة والصغيرة في آنٍ، ومرهونة أيضاً بمجمل التطورات الآنية والراهنة.
سيناريوهات الرد كما يراها الكيان
وللتأكيد على الرد الإيراني والعقاب الآتي لا محالة نشر قائد الثورة الإسلامية الإيرانية علي خامنئي «تغريدة» باللغة العبرية على منصة «إكس» قال فيها: سنجعل الصهاينة يندمون على جريمة عدوانهم على القنصلية الإيرانية في دمشق.
في السياق، وجهت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ«سي آي إيه» تحذيراً للاحتلال جاء فيه أنّ إيران ستردّ على اغتيال قادةٍ عسكريين في العاصمة السوريّة دمشق يوم الإثنين الماضي بشكلٍ مباشرٍ، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ تقدير المخابرات الأميركيّة والإسرائيليّة أيضاً يشير إلى أنّ الرد الإيراني سيشمل قصفاً لأماكن استراتيجيّةٍ حساسّةٍ في الكيان بوساطة صواريخ إيرانيّةٍ مجنحةٍ وبعيدة المدى.
أمام هذا الواقع الذي يدركه الاحتلال تماماً حتى قبل تنفيذ عدوانه، فإنه يتحضر لثلاثة سيناريوهات للرد والانتقام الإيرانيين، ويرى اللواء المتقاعد نوعام تيفون، القائد السابق لفرقة «دائرة الرقابة الداخلية» في جيش الاحتلال أن السيناريو الأول هو التهديدات الباليستية التي تشمل إطلاق الصواريخ والقذائف من كل الأماكن التي يمكن إطلاقها، بما في ذلك من إيران.. والثاني يشمل عملية برية، وهنا أيضاً نحتاج إلى الاستعداد لذلك على محمل الجد. أما السيناريو الثالث فيجب أن يتم الاستعداد في كل أنحاء العالم، في إشارة منه إلى إمكانية استهداف البعثات الإسرائيلية في الخارج.
الخشية الكبيرة من الرد إيراني استدعت- إلى جانب الترقب والتحضيرات- انتقادات داخلية للعدوان على القنصلية الإيراني، فإلى جانب أن الاحتلال أعلن أمس عن تجنيد احتياط في تشكيل الدفاع الجوي على خلفية التأهب والاستنفار، مع تعليق خروج جنود وضباط الوحدات المقاتلة في إجازات على خلفية التوتر مع إيران، إضافة إلى زيادة التأهب في الشمال وحول «إيلات» واستدعاء الاحتياط لتشكيل «الدفاع الجوي».. إضافة إلى كل ذلك فقد انتقد عضو «كنيست» الاحتلال ووزير «الأمن» الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان، الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق، قائلاً: لا أعرف من يقف وراء القرار، لكن إذا كان أي شخص يعتقد أن الإيرانيين سوف يتراجعون أو يغيرون أجندتهم، فهم لا يفعلون ذلك، مضيفاً: لا نعرف من أين سيكون رد فعلهم، وأين سيكون، وكيف سيكون، لكن إذا كنت اليوم وزيراً فإن أول شيء يجب أن أفكر فيه هو إمكانية التصعيد، متابعاً: الإيرانيون لن يستسلموا.. لن يستسلموا ولن يُخدعوا، وعلينا أن نكون في غاية اليقظة.. نحن نعرف الإيرانيين.
الإيرانيون لن يستسلموا ولن يُخدعوا.. لا نعرف متى سيكون رد فعلهم.. وأين سيكون.. وكيف سيكون؟
بالتزامن، شنّ زعيم المعارضة في كيان الاحتلال يائير لابيد هجوماً على حكومة بنيامين نتنياهو، قائلاً: كل شيء ينهار من حول إسرائيل وداخلها.. الخيارات كلها أمام إسرائيل سيئة.
لا تقدم جوهرياً في المفاوضات
في ظل هذه التطورات تراوح المفاوضات بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية برعاية إقليمية لوقف إطلاق نار في غزة، في مكانها، في ظل تعنّت العدو كما كل مرة ووضع العراقيل، إلّا أن المقاومة وكما كل مرة أيضاً ثابتة المواقف والشروط، إذ أكد مصدرٌ مسؤول في المقاومة الفلسطينية أنّ اللقاءات، التي جمعت الجانب الإسرائيلي بالوسيطين المصري والقطري، لم تفضِ إلى إحراز تقدمٍ جوهري وحقيقي، ولا سيما في ملفات وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى مناطق سكنهم، مشدداً على أن «حماس» أكّدت إصرارها- في ردّها على ما وردها من الوسطاء- على مطالبها الرئيسة وتمسكها بالورقة التي قدمتها في 14 آذار الماضي.
الأكثر دموية
أما عن حرب الإبادة التي يمارسها كيان الاحتلال بحق أهالي قطاع غزة منذ الـ7 من تشرين الأول من العام الماضي، فهي لا تتوقف بل تزداد دموية ووحشية رغم كل النداءات والتنديدات، ويوماً بعد آخر تتكشف حقيقة المجازر التي يرتكبها الكيان، إذ كشفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الدولية عن مجزرة مروعة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة في 31 تشرين الأول الماضي، عقب استهدافه مبنى سكنياً بغارة جوية بشكلٍ متعمد.
حرب الإبادة التي يمارسها الكيان بحق أهالي غزة لا تتوقف بل تزداد دموية ووحشية رغم كل النداءات والتنديدات ويوماً بعد آخر تتكشف حقيقة المجازر التي يرتكبها
وقالت المنظمة: إنّ قوات الاحتلال هاجمت بشكلٍ غير قانوني مبنىً سكنياً مكوناً من 6 طوابق يضم مئات الأشخاص وسط قطاع غزّة، من دون وجود أي هدف عسكري، مضيفةً: الغارة الإسرائيلية على المبنى قتلت 106 مدنيين على الأقل، منهم 54 طفلاً، لافتة إلى أن الهجوم يعد من أكثر الهجمات دموية منذ بدء القصف والتوغل البري الإسرائيلي في غزّة عقب 7 تشرين الأول، ويشكل جريمة حرب مفترضة.
ووفقاً لتفاصيل هذه الجريمة التي أكّدتها المنظمة، فإنّ غارة جوية إسرائيلية استخدمت فيها 4 قنابل استهدفت بعد الظهر من يوم 31 تشرين الأول الماضي مبنى عمارة المهندسين المكوّن من 6 طوابق فدمرته، وأكدت المنظمة أن الاحتلال الإسرائيلي لم يقدم أيّ مبرر للهجوم أو حتى إنذار قبله، موضحة أنّ سجل الاحتلال حافل بالتقاعس عن التحقيق بشكلٍ موثوق في جرائم الحرب المزعومة، وهذا يبرز أهمية دعم تحقيق المحكمة الجنائيّة الدوليّة في فلسطين، وفرض عقوبات موجهة ضد المسؤولين المتورّطين في انتهاكات قوانين الحرب.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على 33 ألف شهيد وأكثر من 75 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافةً إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقاً لآخر إحصائية لوزارة الصحة في غزة.