في الرحلة الشّامية «4».. ضيوفاً على اتحاد الكتاب العرب
تشرين- ادريس هاني:
يمّمنا اتحاد الكتاب العرب، مأوى المثقّف السوري ومحجّه، سورية بخير طالما بيئتها الثّقافية لا زالت صامدة في وجه اللاّمعنى، بحفاوة ودماثة نجتمع مع أعضاء اللجنة التنفيذية وأعضاء الاتحاد، وعلى رأسهم الصديق المثقف د. محمد الحوراني، مؤلف دراسات قيمة، منها على سبيل المثال لا الحصر: «التعليم في ولاية دمشق في العصر العثماني»، من إصدارات وزارة الثقافة السورية.
اتحاد الكتاب العرب، هذه المعلمة الفكرية المعطاءة، حيث تضمّ جبهة من نمط آخر، جبهة النّضال على ساحة الثقافة، في يوم الخراب العظيم، حيث لا صوت يومها يعلو فوق صوت التّطرّفات الملوّنة، يوم أراد الإرهاب أن يجعل من سورية المثقّفة، سورية الرّدة، سورية الجاهلية الأولى.
تداعت الأفكار ها هنا عفو الخاطر، وأحياناً سادرا حيث ملتقى شعب القول، ونتيجة الشوق العارم إلى لُقيا الأصدقاء، حيث وُفقنا للقاء بعضهم ولم نوفّق للُقيا الآخرين، فواحسرتاه، والمانع قيد البرنامج وصلابته.
سمعنا أفكاراً جميلة، وأدباً راقياً وشعراً مُرتجلاً، حماسة وتغزّلاً، كان لا بدّ من التأكيد على أنّ فكرة المثقف العضوي ليست لحظة تهجّد نضالي، بل هي مسؤولية وقلق، حين تصبح الأوطان في محكّ التحدّي، لا مجال للُّتيّا والتي، لا مجال للبرمائية، لا مجال لسُكنى التّلّ الرمادي، فإمّا أن تكون على موعد النِّزال أو لا تكون: تلك هي المسألة.
كان د. محمد الحوراني قد شرّفني يوماً بكلمة بمناسبة حفل توقيع ديواني «أنين الحروف»، وقد كان يومها في وفد إلى الصّين، وشرفني مرة أخرى حين بعث بتلك النثيرات إلى إذاعة صوت الشباب.
لعل المفارقة الجميلة أنّني استعملت عبارة نثيرة قاصداً قصداً مقصوداً عن قصيدة ما بعد التّفعيلة، لأجد هناك واضع المصطلح معنا في تلك الجلسة الماتعة فكراً وأدباً، الناقد والمفكر السوري د. محمد ياسر شرف، حيث أثاره استعمالي للعبارة، ليؤكد أنه هو واضع المصطلح قبل سنوات، حين كان مستشاراً ثقافياً في المملكة العربية السعودية، كخبير دراسات اجتماعية ومحرّر عربي لدى المؤسسة العامّة للموانئ السعودية «1977ـ 1981»، وكمشرف على الملحق الأدبي في صحيفة الرياض «1978 ـ 1981»، يحبل أرشيف د. محمد ياسر شرف بمئة كتاب في سائر الأجناس الفلسفية والأدبية «ستكون لي وقفة مع هذا المفكر الصامت الوسيم».
داخل اتحاد الكتاب العرب، تناولنا القضية السورية ومسار الفعل التضامني، والشموخ والانتصار، واكتمل النّصاب بمداخلات من وفد البندقية: الشامي وزامارا ورمضان، فطال الحديث واستطال.. سلام لحماة الديار، حيث أبت أن تذل النفوس الكرام، فعرين العروبة بيت حرام، حيث تأكد في عشرية الدم أن عرش الشموس حمى لا يُضام.
كانت لحظة استذكار للحظات الصعبة، لذروة العدوان، لتكالب الأمم، إن كنت أجد في كنانتي أهزعٌ من نثيرة، فسأقول:
دمشق والوجد أخّاذ.. يولد بين الضلوع.. عشق يتدلّى.. يحتويه الفؤاد.. الياسمين الصامد والإنسان.. والنضال لا شيء سوى الوفاء.. والحروف كالدموع.. تبكي الأطلال.. دمشق والتّاريخ والمعنى.. أتشهدين أنّ يوماً ما احترقت فيك الآثار والعصافير.. سلام على عرين الأسود حتى انتصار…..