الكيان الإسرائيلي يغرق في وهم «النصر الكامل».. «فيتو» أميركي جديد على «وقف النار» والمشهد الإقليمي يزداد تعقيداً وغموضاً
تشرين- هبا علي الأحمد:
تتجه الأمور إلى مزيد من التعقيد في قطاع غزة، ومع كل يوم يزداد المشهد غموضاً ليس في فلسطين فقط ولكن في الإقليم أيضاً، إذ لا يمكن الحديث بأي حال من الأحوال عن غزة من دون الحديث عن الإقليم عموماً، فكيان الاحتلال يعوض خسائره في ميدان غزة في جبهات الإقليم بغية إِشعال المنطقة، حتى الولايات المتحدة تسانده في التعويض سياسياً وعسكرياً، كما أن المفاوضات مُتعثرة ولا أفق للتقدم، فلا كيان الاحتلال يريد التفاوض بل تراجع عن ورقة باريس، ولا واشنطن تُريد، بل على العكس تماماً تُعرقل أي خطوة داعية لوقف إطلاق النار، في دليل واضح على أن واشنطن تدفع قُدماً إلى استمرار العدوان والتهجير والإبادة الجماعية والدفع إلى معارك جديدة كما في رفح اليوم وعمليتها المرتقبة، وبالتالي تغير شكل المنطقة برمتها، انطلاقاً من ترابط الساحات والجبهات كما ذكرنا مراراً.
كيان الاحتلال يعوض خسائره في ميدان غزة إقليمياً والولايات المتحدة تسانده في التعويض سياسياً وعسكرياً وتُعرقل أي خطوة داعية لوقف إطلاق النار
المساندة الأميركية
المساندة الأميركية الجديدة لكيان الاحتلال الإسرائيلي في مواصلة عدوانه على غزة تأتي بعدما دعت الجزائر مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد الثلاثاء المقبل للتصويت على مشروع قرار يُطالب بوقفٍ فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ووفق مصادر إعلامية قرر مجلس الأمن التصويت على القرار، لتعلّق المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، على الدعوة الجزائرية بقولها: «إذا طُرح مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة للتصويت بصيغته الحالية فلن يتمّ اعتماده من قبلنا»، وكأن واشنطن تؤكد التهمة على ذاتها رغم محاولتها الدائمة التملص من مسؤوليتها، كما أن كلام المندوبة الأميركية يحمل تهديداً واضحاً باستخدام حق النقض «فيتو»، كما ساندت واشنطن الاحتلال بإدراجها المقاومة في اليمن على قائمة «الإرهاب»، الأمر الذي عدّته وزارة الخارجية اليمنية في حكومة صنعاء بأنه سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير التي تمارسهما واشنطن، لافتة إلى أنّ الإجراء الأميركي غير الشرعي وغير القانوني، يُفقد واشنطن كثيراً من الصدقية لدى أغلبية دول العالم، مؤكدة أن واشنطن هي من يمارس الإرهاب بحق كثير من الدول، وآخر قراراتها دعم الإرهاب الذي يمارسه الكيان الصهيوني بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
تصريحات نتنياهو بشأن «النصر الكامل» مجرد استهلاك سياسي وتخلق الوهم في نظر الإسرائيليين
بثّ الوهم
إلا أن المساندة الأميركية للاحتلال مهما دامت فإنها فلن تستطيع أن تغير حقائق الميدان، كما لن تستطيع أن تعطي صورة مغايرة للوهم الصهيوني ولا سيما لرئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، إذ قال جنرال إسرائيلي سابق: إن تصريحات نتنياهو بشأن «النصر الكامل» مجرد استهلاك سياسي وتبث الوهم في نظر الإسرائيليين، مشيراً إلى أن تقليص عدد قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لن يحقق «النصر» كما يدعي، كما لن يردع حركة «حماس» وكل من لديه فهم يعلم أو يعرف ذلك الأمر.
سجال الانتخابات
نتنياهو بحاجة فعلاً لإيجاد الوهم والاستهلاك السياسي، فالعدوان على غزة أفرز انقسامات عميقة بين الأحزاب ولا سيما الليكود، ناهيك بالدعوة لإجراء انتخابات، التي تهدد مستقبل نتنياهو السياسي في ظل التناحرات السياسية والنقمة بين الأطراف السياسية عليه، إضافة إلى سباق محموم يجري في هذا السياق، إذ نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن مسؤول كبير في حزب الليكود قوله: كائناً من كان رئيساً للحكومة في السابع من تشرين الأول، فعليه أن يترك منصبه بعد الحرب.
يأتي هذا التصريح في إشارة إلى كلام أثار جدلاً لنتنياهو، في مؤتمره الصحفي أمس السبت، والذي جاء ردّاً على سؤال حول تحديد موعد للانتخابات المقبلة في كيان الاحتلال، وقال نتنياهو: «إنّ الانتخابات لها موعد بعد عدة سنوات أخرى، مقترحاً عدم الانشغال بها في الحرب، ومشدداً على الحاجة إلى الوحدة والاتحاد لدعم المجهود الحربي».
نتنياهو بحاجة لإيجاد الوهم فالعدوان على غزة أفرز انقسامات عميقة بين الأحزاب ولا سيما الليكود
وأشارت الصحيفة إلى أنّ مسؤولين كباراً في حزب الليكود يعتبرون أنّ نتنياهو لا يقرأ الواقع، ونقلت عن أحدهم قوله: لا يهم كم يؤجل نتنياهو النهاية وكم لا يريد ذلك، في نهاية هذه الحرب سنذهب إلى انتخابات.. الجميع يفهم أن هذا هو الحدث.
جرائم اليوم
أما مسلسل الجرائم الصهيوني فلا ينتهي، بل يزداد شراسة يوماً بعد يوم، ولا تزال رفح تحت وطأة الغارات الإسرائيلية التي على ما يبدو أنها مستمره إلى حين البدء بالعملية العسكرية، إذ قصفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي، خلال الساعات الأولى من فجر اليوم الأحد، شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وأطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية النار على ساحل مدينة رفح، في حين قالت وسائل إعلام فلسطينية: إنّ قصفاً إسرائيلياً استهدف منزلاً يؤوي نازحين في خربة العدس شمال مدينة رفح، ما أدّى إلى ارتقاء 6 شهداء بينهم طفلان وامرأة، كما نفّذ طيران الاحتلال غارةً جوية على منزل في شارع العزايزة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وفي سياق جرائم الاحتلال، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، في وقت سابق، أنّ الاحتلال أقدم على اعتقال عددٍ كبير من إدارة وكوادر مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوب القطاع، مشيرة إلى أن اعتقال الكوادر الطبية من مجمع ناصر الطبي جريمة حرب واستهتار بحياة المرضى والجرحى الذين هم بأمسّ الحاجة إلى الرعاية والعلاج المباشر.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة براً وبحراً وجواً لليوم الـ135 على التوالي.
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء إلى 28,858 أغلبيتهم من النساء والأطفال، والجرحى إلى 68,677، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول الماضي.