هؤلاء كانوا أغنياء؟!
أين توجد الثروات؟ سؤال بسيط أراد الأستاذ من خلاله أن يشارك طلابه في عقولهم, ويمكنك أن تشارك فيه أيضاً! وكما توقع.. تحدث الأغلبية عن الثروات المدفونة في الأرض ومناجم الذهب والفضة والألماس والنفط، والبعض تحدث عن الطبيعة والبحر والسحاب.. وبينما كان الطلاب يتندرون ووصلوا إلى خزائن الأغنياء وجيوبهم.. بقي الأستاذ صامتاً يترقب تلميحاً ما ظلّ غائباً بين الإجابات المتراكمة، ثم ما لبث أن أخرج صوراً لعلماء وفنانين ومخترعين وشعراء ومفكرين، وكانت اللوحة الأخيرة لمقبرة كبيرة تضم رفات العديد من الموتى أشار إليهم الأستاذ قائلاً: هؤلاء كانوا أغنياء بما يحملونه في عقولهم من معارف وما يجيش في صدورهم من مشاعر، لكن الكثير من الناس ماتوا قبل أن ينقلوا ثرواتهم ومعارفهم وخبراتهم إلى العالم.. وقبل أن ينتهي الدرس طلب الأستاذ من طلابه أن ينقلوا إلى العالم كل الأفكار والمشاعر الجميلة التي يشعرون بها، ويدونون معارفهم وعلومهم وخبراتهم، ولا يتركون في أنفسهم ثرواتهم الغالية من الإبداع والتميز وتلك البصمة الجميلة المتفردة التي وهبها الله لكل إنسان .
الكثير من الحكايات نسمعها على ألسنة البعض، وهم في حالات مرض أو عجز، تمنّوا لو تأتيهم فرص جديدة بالحياة ليفعلوا ما قد فاتهم عمله، أو ليقولوا ما تمنّوا طوال حياتهم أن يبوحوا به، لكن الفرص لا تتكرر.. وهذه كاتبة وصحفية شهيرة راحلة، سألوها: ماذا لو عاد بك الزمان.. هل كنت ستعيشين حياتك بالطريقة نفسها؟ أجابت بأنها غير نادمة، لكن “إذا عادت بي الحياة مرة أخرى فسأنتبه إلى أن الحمل معجزة إلهية وسأستمتع بأنني جزء من هذه المعجزة وأنني سبب خروج روح أخرى إلى العالم, سأدعو أصدقائي إلى بيتي أكثر وأستمتع بصحبتهم.. سأستخدم تلك الشمعة الباهظة الثمن التي أهديت لي وفسدت في التخزين.. سأمرح مع أولادي.. سأقلل دموعي وضحكاتي على حكايا لا تخصني.. وسأحيا واقعي أنا.. بدموعه وضحكاته.. إذا ارتمى ابني في أحضاني فلن أبعده لأنني مشغولة.. سأعبّر أكثر عن مشاعري.. وسأعتذر أكثر لمن أسأت إليهم.. سأنصت أكثر لمن يحدثني.. إذا أُعطيت فرصة ثانية للحياة فسأراها، سأحياها، سأجربها، سألمس كل لحظة فيها..”.