التجسس على الأحلام!
تغمض عينيك لتنام بسلام .. احذر أن تطلق لأفكارك العنان فثمة جاسوس يدخل إلى رأسك ..يفتش في أحلامك ..يعبث بأفكارك ..يقتلع ما كنت تعتبره خطوطاً حمراء ..ويزرع في تلافيف عقلك بذور أفكار مشيطنة وعندما تستيقظ.. ستستحوذ عليك وتسلبك الحقيقة .. فتقول مالا تود قوله ..وتضع مفتاحك بأيدٍ غريبة .. إنه سيناريو شديد التعقيد ..
على عكس ما هو متوقع تصاب بالدهشة ليس مع بداية عرض الفيلم وإنما تبدأ التفكير والتأمل بعد نهاية العرض.. إنه عالم جديد تصول وتجول فيه قصص التجسس التي لم تترك لمن يحبون السلام براً أو بحراً أو فضاءً حتى فضاء الشبكة العنكبوتية إلا وتتحكم به شركات التجسس! لكن أن يتم التجسس عليك وأنت نائم ويتم التلاعب بأحلامك للتأثير على قراراتك عند اليقظة فهذا أكثر مما قد نتخيله نحن المتعبون الغارقون بهمومنا وأزماتنا.
فيلم “البداية “أو Inception هو نموذج عن السينما التي تحاول السيطرة على العقول والذي يعتبره الكثير من محبي السينما، السيناريو الأكثر تعقيداً. وحسب النقاد لا يعود ذلك إلى فكرة الفيلم ـ وهي ليست طريفة كما يعتقد كثيرون ـ بل إلى طرافة استغلالها بشكل مكثف ماجعل القصة تحتاج إلى تركيز تامّ لفهمها، وهو على صعوبة فهمه لا يعتبر أكثر أفلام كريستوفر نولان تعقيداً لكن طابع الأكشن وحضور ليوناردو دي كابريو أعطاه أهميّة تجارية أكبر.
تتمحور القصة حول مهارة طوّرها الجيش الأمريكي، تسمح لصاحبها بالتسلل إلى حلم الضحية وتصميمه والتحكم في أركانه بما يسمح له بممارسة الجوسسة واستخراج المعلومات التي يريد. ويجد “كُبّ” (ليوناردو ديكابريو) نفسه مضطرّاً لاستخدام مهاراته كمستخرِج لا لممارسة اللصوصية كعادته، وإنّما لمساعدة رجل أعمال في الإطاحة بأكبر منافسيه عبر إقناع ابنه بتفكيك امبراطورية أبيه. تعرف تقنية زرع المعلومة عبر الحلم عوض استخراجها بالاستهلال Inception.
في الفيلم، لا يكتفي المستخرِج وفريقه بمستوى واحد من الحلم، بل إنه يحمل ضحيّته إلى حلم داخل الحلم، وهكذا حتى الوصول إلى مستوى خامس أحياناً، ما يجعل من اقتفاء تسلسل القصّة صعباً ومنهكاً أحياناً، ولكنّه ممتع أيضاً، لا أحد ينكر تلك اللذة التي يشعر بها المرءُ حينما يفكّ شفرات قصّة معقدة، وهي اللذة التي عمل عليها كريستوفر نولان بشكل عبقريّ.
إن ما يدعو للتفكير هو مدى حقيقة هذه الأبحاث والدراسات وان كانت على شكل دراما أو فيلم لكنها لا تنطلق من الفراغ هناك محاولات تهدف ليس فقط للسيطرة على العالم وإنما على العقول والوجدان والأحاسيس إنه خطر حقيقي أن يتم الاستيلاء على إرادة البشر.. بل وأكثر على أحلامهم ترى ماذا تبقى لنا؟