الحرب والطقس
تأتي الأخبار.. بما لا يشتهي المواطن ولا الحكومة ولا التجار ولا الصناعيون.. ولا أصحاب شركات الشحن البحري.. تتصدر العناوين المواقع الإلكترونية ..
– هجمات التحالف في البحر الأحمر تربك حركة الشحن البحري..
– إعادة توجيه السفن من السويس تكلف مليون دولار إضافياً لكل رحلة..
– شركات شحن عالمية تحذِّر من اضطراب كبير وتحوِّل سفنها بعيداً عن البحر الأحمر…
قد يكون ردة الفعل وماذا يهمنا من الأمر..! يكفينا ما نعانيه من تضخم وغلاء !!..ويأتي الرد .. انتظر .. يصيح بك أحدهم وكأنه سيخرج من الشاشة ..! هذا الأمر بات يعنيك وبكل التفاصيل أنت جرم في هذا العالم وتتأثر بما يجري ..
كي تفهم القصة تنتقل إلى القنوات التلفزيونية.. تضغط الزر تقول لك المذيعة ذات الإطلالة البهية ..
تسببت الأعمال التي يقوم بها الحلفاء الأوربيون وأمريكا في البحر الأحمر بالآونة الأخيرة بصدمة للشركات العالمية التي تنقل البضائع الحيوية، لكنها ليست المشكلة الوحيدة التي تواجهها شركات النقل الكبرى مع بداية عام 2024…
– وماذا يعني ذلك.. تقول الزوجة وهي تحمل إبريق الشاي ..سترتفع أسعار القمح والمواد الغذائية ..
فجأة تشعر.. بهبة ريح باردة تلفح وجهك..ومن أين جئت بهذه الأهبار ..أقصد الأخبار.. يا ذات الوجه الصبوح ..؟!
تجيب الزوجة بهدوء: هل نسيت أني أعمل في شركة لشحن البضائع، لقد ارتفعت أسعار الشحن بقفزات كبيرة .. وانعكس هذا الرفع على أسعار البضائع وعمّا قريب ستدفع يا زوجي العزيز من جيبك ثمن الحروب وثمن الطقس المتقلب ..
يفكر ملياً.. لم يعد الوقت يتحمل المزيد من الضياع.. يفتح جوجل ويجوجل على شركات الشحن ويجد الكثير من العناوين.. لم يعد مهم اسم الموقع، الأهم ما فيه من معلومات.. يقرأ بصوت منخفض..تقول شركات عملاقة إنّ القطاع الذي يتعامل مع 90 بالمئة من حجم التجارة العالمية يواجه احتمال حدوث اضطرابات ضخمة لأسباب منها الحروب الحالية وحالات جفاف تؤثر في مسارات رئيسة مثل قناة بنما. ومن المرجح ألّا تسير جداول المواعيد المعقدة مثلما هو مخطط لها بالنسبة لسفن الشحن العملاقة وناقلات النفط وسفن نقل البضائع الأخرى خلال العام،وسيزيد ذلك من حالات التأخير وسيرفع التكاليف على متاجر البيع بالتجزئة بالإضافة إلى مُصنّعي الأغذية..
يشرب كأس الشاي..من دون سكر ويسألها ما رأيك ؟!
تبتسم بوقار وتقول: أعتقد هما خياران أمام الحكومات والجهات المعنية في أغلب الدول النامية فإمّا أن تستمر في استجرار المواد الغذائية وخاصة القمح وهذا يعني اللجوء إلى رفع الأسعار لتتمكن من مجاراة الأوضاع الجديدة والزيادات على الشحن والتأمينات وغير ذلك..وإما ولا نتمنى ذلك عدم التمكن من الاستيراد وفقدان المواد الأساسية من الأسواق وهذا هو الأسوأ .
– نعم إنّها الحروب والطقس فمن أين المفر؟! اللهمَّ بارك لنا في رغيف خبزنا واحفظه من الزوال .