الحلقة الأكثر هشاشةً؟!
أصبح من الإجحاف تحميل “الموظف” كل الرسوم والضرائب والزيادات الناجمة عن رفع أسعار النقل والاستثمار في المنشآت والمحال التجارية وتكاليف الشحن ورسوم التراخيص وارتفاع الأسعار العالمية، وغير ذلك من الزيادات المزاجية بحيث أصبح الموظف الحلقة الهشة والأضعف معيشياً واقتصادياً.
كل يوم تطالعنا قرارات جديدة تتمثل في إعادة النظر بالبدلات والرسوم والتراخيص التي تتقاضاها الدوائر المالية أو المحافظة أو الوزارات المختلفة بارتفاعات متتالية بالرسوم المالية.. ثم تطالعنا شركة محروقات بزيادات متتالية لأسعار المازوت والبنزين، والسؤال الذي يفرض نفسه هو أنه مقابل هذه الزيادات من رسوم وضرائب وتكاليف محروقات وانتظار لأشهر للحصول على الغاز المنزلي هل بإمكان الموظف تحمّل كل هذه الأعباء بما يتقاضاه من راتب؟ وحتى لو حصل على ما وُعد به من حوافز، التي لم يتم العمل بها في أغلب الوزارات والمؤسسات.. ورغم أن المبالغ المتوقعة لن تحل أي مشكلة معيشية، لكنها بالتأكيد من حقوق الموظف، وبالتالي فإن ما يجري على أرض الواقع لا نعلم إن كان يؤخذ بالحسبان من اللجان الاقتصادية والإدارية..؟! حيث إن هذه التكاليف الإضافية تدفع بشكل نهائي من جيوب “الموظفين”، لأن أصحاب المهن الحرفية أو الصناعية أو أصحاب المشروعات يضيفون كل الزيادات بشكل مضاعف على أسعار منتجاتهم وخدماتهم المقدمة للمستهلك.
من جهة أخرى يجد المتأمل في قانون العاملين الموحّد ظلماً كبيراً للموظفين والعاملين، حيث يتم التعامل مع العاملين كعمال “الدوكما” من دون مراعاة الاختلافات بين المهن الفكرية والطبية والهندسية والإدارية والإنتاجية وغير ذلك.. فكيف يمكن توحيد التفاوت والتباين في الأعمال؟! ما علينا إلا أن ننتظر وننتظر.. ونصبر ثم نصبر.
ومما لا يخفى على أحد.. محدودية فاعلية الكثير من الضبوط والمخالفات على الأسواق في ظل واقع رقابي لا يملك المقومات الكافية، ولعلّ أقصى ما تقوم به «حماية المستهلك» هو تلقي الشكاوى المتعلقة بالاحتيال والغش والتدليس والتلاعب بالسلع أو الخدمات والمغالاة في أسعارها، والتضليل عن طريق الإعلانات خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي.. في حين يعاني “الموظف” من ارتفاع فاحش بالأسعار والاحتكار والاستغلال من الأسواق، إضافة إلى كثير من الممارسات التجارية المجحفة، أضف إلى ذلك الإعلان عن منتجات أو خدمات غير متوافرة أو لديها الجهوزية الكاملة، ما يجعل الموظف يلهث للوصول إلى تلك الخدمات التي من المفترض أن تساعد في تخفيف الروتين والازدحام.
لكن كل ما هو على الورق، نجده لا يمتّ بصلةٍ إلى الواقع ولاسيما في الأسواق، وأمام تدهور وتضاؤل القدرة الشرائية والتضخم وارتفاع الأسعار يبرز السؤال: أين نحن من كسب الثقة بصوابية الإجراءات والقرارات؟ وهل من خطة إسعافية أو استجابة للتوقعات بتحسين الظروف الاقتصادية للموظف؟!